الاستيلاء والاسترداد النصرانية La Reconqista وقد بدأ هذا الاسترداد من جانب إسبانيا النصرانية لأراضيها المفتوحة منذ عصر مبكِّر جداً، أي منذ قامت المملكة النصرانية الشمالية عقب الفتح الإسلامي بقليل في حمى الجبال الشمالية، واشتد ساعدها بسرعة، واستطاعت منذ منتصف القرن الثامن الميلادي أن تدفع حدودها تباعاً نحو الجنوب، وكانت أولى القواعد الإسلامية التي سقطت هي (لُك) في أقصى الشمال الغربي لشبه الجزيرة الأندلسية، واسترقة في شمال نهر دويرة، وشلمنقة وشقوبية وسمورة وألبة في الناحية الأخرى من دويرة. ولم تتأثر الأندلس المسلمة كثيراً بفقد هذه القواعد الأولى، لبعدها ولقربها من المملكة النصرانية. ولكن الأندلس شعرت بالخطر الحقيقي، منذ استطاع النصارى عبور نهر التاجة متوسط شبه الجزيرة في غزوات قوية، واستيلائهم بعد ذلك على طليطلة ثالثة القواعد الأندلسية الكبرى بعد قرطبة وإشبيلية. ووضع نصر الزلاّقة، وقيام سلطان المرابطين في شبه الجزيرة حداً مؤقتاً لتقدم النصارى في وسط شبه الجزيرة وشرقيها. ولكن موجة جديدة من الغزو النصراني اجتاحت شمال شرقي الأندلس منذ بداية القرن السادس الهجري، فسقطت سرقسطة في يد النصارى (٥١٢ هـ - ١١١٨ م) وتطيلة (٥٢٤ هـ - ١١٢٩ م)، ثم تلتها لاردة وإفراغة وطرطوشة (٥٤٢ هـ - ١١٤٨ م). وفي ذلك الوقت ذاته، بدأ سقوط القواعد الإسلامية في غربي شبه الجزيرة أي في البرتغال، فسقطت أُشبونة وشنترة وشنترين فى يد النصارى في سنة (٥٤٢ هـ - ١١٤٧ م) وسقطت باجة بعد ذلك بقليل في سنة (٥٥٦ هـ - ١١٦١ م)، ثم تلتها بابرة في سنة (٥٦١ هـ - ١١٦٥ م).
ْولما توطد سلطان الموحدين في الأندلس في أواخر القرن السادس الهجري، توقّفت حركة الاسترداد النصراني مدة من الزمن، ثم عادت تضطرم قوية بعد إحراز إسبانيا النصرانية لفوزها الحاسم على الموحدين في موقعة العقاب (٦٠٩ هـ). ومنذ أوائل القرن السابع الهجري، اجتاحت الأندلس