الداخلية، وساءت علائقهم ببني الأحمر. ورأى فرديناند الرابع أن الفرصة سانحة ليضرب ضربته المفاجئة، فغزا الجزيرة الخضراء، وبعث أسطوله لحصار جبل طارق من البحر، وأوعز في نفس الوقت إلى خايمي ملك أراغون أن يحاصر ألمرية لكي يشغل الأندلس، فاستجاب لتحريضه، وذلك بالرغم من معاهدة التحالف والصداقة التي كانت تربطه بسلطان غرناطة. وبدأ حصار ألمرية وجبل طارق في وقت واحد في أوائل سنة (٧٠٩ هـ)، وبذل النصارى للاستيلاء على ألمرية جهوداً جبارة، ونصبوا على أسوارها الآلات الضخمة، وحفروا في أسفل السور نفقاً واسعاً لدخولها، فلقيهم المسلمون تحت الأرض وردّوهم بخسارة فادحة. ونشبت بالقرب من ألمرية معركة بين جند الأندلس بقيادة عثمان بن أبي العلاء وجند أراغون، فهُزِم النصارى، واضطروا على رفع الحصار، ونجت ألمرية من خطر السقوط (١). ولكن ثغر جبل طارق كان أسوأ حظّاً، فقد شدّد النصارى حوله الحصار من البر والبحر، وبالرغم من هزيمتهم أمام المسلمين على مقربة من جبل طارق، فقد لبثوا على حصاره بضعة أشهر، حتى أضنى الحصار المسلمين وأرغموا على التسليم وسقط الثغر المنيع بيد النصارى في أواخر سنة (٧٠٩ هـ - مارس سنة ١٣١٠ م) فكان لسقوطه وقع عميق في الأندلس والمغرب معاً، فقد كان باب الأندلس من الجنوب، وكان صلة الوصل بين المملكتين الإسلاميتين.
وأدرك ابن الأحمر، على أثر هذه النكبة، فداحة الخطأ الذي ارتكبه بمجافاة بني مرين، فبادر بإرسال رسله إلى السلطان أبي الربيع، يبدي أسفه على ما سلف، ويسأله الصفح والصلح، فأجابه السلطان إلى طلبه. ونزل ابن الأحمر للسلطان عن الجزيرة ورندة وحصونها ترضية له وترغيباً في الجهاد، واقترن بأخت السلطان توثيقاً لوشائج المودّة، فارسل إليه السلطان المدد