١٤٦٣ م) كان سعد بن محمد بن يوسف المستعين بالله المعروف بابن الأحمر، وأنه ما كاد يجلس على العرش، حتى ثار عليه ولده أبو الحسن بتحريض بني سراج، وأخرجه عن غرناطة وامتلكها، فسار سعد إلى مالقة، وحكم أبو الحسن مكانه. وفي العام التالي (٨٦٨) لما اشتد ضغط النصارى على الأندلس، عاد أبو الحسن فعقد الصلح مع أبيه، وأطلق سراحه، واختار سعد السكن بألمرية، فلم يعترض ولده، ولم يلبث أن توفي في أواخر هذا العام وعندئذٍ خلص العرش لأبي الحسن. ولكن حدثت بعد ذلك منازعات حول ولاية العرش بين أبي الحسن وأخيه أبي الحجاج يوسف، ولم ينته هذا النزاع إلاّ بوفاة يوسف بعد ذلك بقليل.
وفي ذلك الحين بالذات، استولى محمد الفاتح رحمه الله عاهل الترك العثمانيين على القسطنطينية سنة (١٤٥٣ م)، وانهار هذا الصرح المنيع الذي كان يحمي أوروبا النصرانية من جهة المشرق، من غزوات الإسلام. وانساب تيار الفتح إلى جنوب شرقي أوروبا، يكتسح في طريقه كل مقاومة، وروِّعت أوروبا النصرانية لهذا الخطر الجديد الذي يهدّد حريتها وسلامتها، وأخذت النزعة الصليبية تضطرم من جديد بقوّة مضاعفة. وتردّد هذا الصدى في إسبانيا النصرانية، حيث كانت مملكة غرناطة ما تزال بالرغم من صغرها وضعفها، تمثل صولة الإسلام القديمة في إسبانيا، وقد تغدو في المغرب نواة لهذا الخطر الإسلامي الداهم، الذي بدت طلائعه في المشرق على يد الغزاة الترك. ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تجيش إسبانيا النصرانية بفورة صليبية جديدة، وأن يذكي هذا الخطر الجديد، اهتمامها بالقضاء على مملكة غرناطة. وبالرغم مما كانت تجوزه مملكة غرناطة يومئذٍ من فتن داخلية، وما كان يفت في قواها من عوامل الانحلال السياسي والاجتماعي، فقد كانت تعتبر دائماً في نظر إسبانيا النصرانية عدواً داخلياً له خطره، وكان أشد ما تخشاه إسبانيا النصرانية أن تغدو غرناطة قاعدة لفورة جديدة من الغزو الإسلامي تنساب من وراء البحر، كما حدث في الحقبة الأخيرة غير مرة. والحقيقة أن حياة هذه المملكة