للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين" (١).

وبالرغم من أننا لا نعرف نصوص هذا الصلح مفصّلة، فإن بعض الروايات القشتالية تذكر لنا أن أبا عبد الله قد تعهد في هذا الصلح بأن يسلم مدينة غرناطة للملكين الكاثوليكيين متى تم تسليم بسطة وألمرية ووادي آش (٢). وعلى أي حال ففي فاتحة سنة (١٤٩٠ م) - أوائل صفر (٨٩٥ هـ) أرسل الملكان الكاثوليكيان إلى السلطان أبي عبد الله سفارة على يد فارسين هما: كونثالو- فرنانديث قائد حصن إليورة، ومرتين ألاركون قائد حصن موكلين، ليخاطباه في موضوع التسليم (٣). وتقول الرواية الإسلامية المعاصرة: إن ملك قشتالة لم يطلب تسليم غرناطة ذاتها، ولكنه اكتفى بأن طلب إلى أبي عبد الله تسليم مدينة الحمراء أو قصور الحمراء مقر الملك والحكم، وأن يبقى مقيماً في غرناطة، في طاعته وتحت حمايته، أسوة بما فعلته سائر نواحي الأندلس (٤)، أو أن يقطعه أية مدينة أخرى من مدن الأندلس يختار الإقامة فيها، وأن يمدّه بمال جزيل (٥).

فماذا كان جواب أبي عبد الله؟ لقد كان في سابق مواقفه، وممالأته لملك قشتالة، ومحالفته إياه، ودخوله في طاعته، وما يدين له به من تغلّبه على عمّه ومنافسه الزغل، وجلوسه على العرش، ما يحمل الملكين الكاثوليكيين، على توقع استسلامه وخضوعه، ولكن حدث عكس ما توقعه الملكان. ولدينا وثيقة توضح لنا موقف أبي عبد الله في هذه المناسبة، وهي عبارة عن خطاب


(١) نشر هذه الوثيقة جسبار ريميرو في كتابه الذي سبقت الإشارة إليه Documentos Arabes de la Corta Nazan de Granada وقد استخرجها مع وثائق أخرى صادرة عن أبي عبد الله من مجموعة فرناندو دي ثافرا سكرتير الملكين الكاثوليكيين.
(٢) Prescott: Ferdenand and Isabella, P. ٢٨٤.
(٣) راجع رواية Fernando de Boeza القشتالية المنشورة بعناية المستشرق ميللر ضمن أخبار العصر (ص: ٩٢).
(٤) أخبار العصر (٣٣).
(٥) نفح الطيب (٢/ ٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>