التذمّر والمقاومة سندها، وقرر مجلس الدولة بأن المسلمين أصبحوا خطراً على الدين والدولة، ولا سيما بعد ما تبين من جنوحهم إلى الثورة، ومحاولتهم الاتصال بإخوانهم في المغرب ومصر والقسطنطينية، وقضى بوجوب اعتناق المسلمين للنصرانية، ونفي المخالفين منهم من الأراضي الإسبانية. وهكذا حاول مجلس الدولة أن يسبغ صفة الحق والعدالة على التنصير القسري، وعلى كل ما يتخذ لتحقيقه من إجراءات العسف والإرهاق.
وقع هذا القرار على المسلمين وقع الصاعقة، وسرعان ما سرت إليهم الحمية القديمة، فأعلنوا الثورة في معظم نواحي غرناطة، وفي ريفي البيازين، وفي البشرات، واشتدّ الهياج بالأخص في بلفيق وفي أندراش حيث نسف حاكم البلدة مسجدها، بالبارود، وفي فيحار وجويجار وغيرها، واعتزم المسلمون الموت في سبيل دينهم وحريتهم، ولكنهم كانوا عزلاً، وكانت جنود النصرانية صارمة شديدة الوطأة فمزقتهم بلا رأفة، وكثر بينهم القتل، وسبيت نساؤهم، وقضى بالموت على مناطق بأسرها، ما عدا الأطفال الذين هم دون الحادية عشرة، فقد حُولوا إلى نصارى. وحمل التعلّق بالوطن وخوف الفاقة وهموم الأُسرة كثيراً منهم على الإذعان والتسليم. فقبلوا التنصير المغصوب ملاذاً للنجاة، ولجأت الحكومة بعد إخماد الهياج في غرناطة والبيازين إلى أساليب الرّفق، فبعثت بالعمال والقسس في مختلف الأنحاء، ولم يدّخر هؤلاء وسعاً في اجتذاب المسلمين بالوعيد والوعود، وهكذا ذاع التنصير في سائر مملكة غرناطة القديمة (١).
وفي نفس الوقت، اضطر المسلمون المدجّنون في آبلة وسمورة وبلاد أخرى في جليقية إلى اعتناق النصرانية، وكانوا حتى ذلك الوقت يحتفظون بدينهم القديم.
ونشط فرديناند إلى إخماد الهياج حيث يقع، وفي الوقت الذي غدا فيه
(١) Marmol ; ibid, ١. Cap. XXV١١. وكذلك Prescott: ibid; P. ٤٦٢