الصلح، وصدر أمر ملكي بالوعد بالعفو التام عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف عشرين يوماً من إعلانه، ولهم أن يقدموا ظلاماتهم، فتبحث بعناية، وكل من رفض الخضوع، ما عدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة، قُضي عليه بالموت، فلم يصغ إلى النداء أحد، ذلك أن الموريسكيين أيقنوا نهائياً أن إسبانيا النصرانية لا عهد لها ولا ذمام، وأنها لا تفي بوعودها، فعاد الدون خوان إلى استئناف المطاردة والقتال، وانقض الإسبان على الموريسكيين محاربين ومسالمين، يمعنون فيهم قتلاً وأسراً، وسارت قوة بقيادة دون سيزا إلى شمال البشرَّات، واشتبكت مع قوات مولاي عبد الله في معارك غير حاسمة، وسارت مفاوضات الصلح في نفس الوقت عن طريق الحبقي، وكان مولاي عبد الله قد رأى تجهّم الموقف، ورأى أتباعه ومواطنيه يسقطون من حوله تباعاً، والقوة الغاشمة تجتاح في طريقها كل شيء، فمال إلى الصلح والمسالمة، واستخلاص ما يمكن استخلاصه من براثن القوّة القاهرة.
وتقدّم للتوسط بين الثوار وبين الدون خوان كبير من أهل وادي آش يدعى: الدون هرناندو دى براداس، وكانت له صلات طيبة مع الموريسكيين قبل الثورة. وقد انتهت إلينا وثيقة مؤثرة هي عبارة عن خطاب كتبه مولاي عبد الله إلى دون هرناندو هذا يعرض استعداده للصلح والمفاوضة، وفيه تبدو لغة الموريسكيين العربية في دور احتضارها، ويبدو أسلوب اللّهجة الغرناطية التي انتهى الموريسكيون إلى التحدث والكتابة بها، بعد نحو ثمانين عاماً من الكبت والمطاردة. وإليك ما ورد في هذا الخطاب الذي ربما كان آخر وثيقة عربية عثر بها البحث الحديث:
١ الحمد لله وحده قبل الكلم
٢ اسلم الكرمو على من أكرمهو الكرمو سيديا وحبيبي وعزا سر عنديا دن هرنندو وفي نعلم حرمتكم ين