وبقي الأولاد دون السادسة مع أمهم. كذلك يسمح بالبقاء للموريسكيين الذين أقاموا بين النصارى مدى عامين، ولم يختلطوا (بالجماعة)، إذا زكّاهم القسس. وحظر القرار إخفاء الهاربين أو حمايتهم. ويُعاقَب المخالف بالأشغال الشاقة لمدة ستة أعوام. كذلك حظر على الجنود والنصارى القدماء أن يتعرضوا للموريسكيين أو يهينوهم بالقول أو الفعل، وهدّد المخالفون بالعقاب الصارم. وأخيراً نص القرار على السماح لعشرة من الموريسكيين بالعودة عقب كل نقلة، لكي يشرحوا لإخوانهم كيف تم النقل إلى المغرب على أحسن حال.
وقع قرار النفي على الموريسكيين وقوع الصاعقة، ونهكت قواهم، وسادهم الوجوم والذهول. وكان عصر الثورة والمقاومة قد ولّى، إذ انهارت معنوياتهم، ونضبت مورادهم. وكانت الحكومة الإسبانية قد اتخذت عدتها للطوارئ، وحشدت قواتها في جميع الأنحاء الموريسكية، واجتمع زعماء الموريسكيين وفقهاؤهم في بلنسية، فقرّوا أنه لا أمل لهم في المقاومة، وأنه لا مناص لهم من الخضوع، واستقر الرأي على أن يرحلوا جميعاً، وألاّ يبقى منهم أحد، ولا حتى نسبة الستة بالمائة التي سمح ببقائها، وأن مَن بقي منهم اعتبر مرتداً مارقاً، ومع ذلك فقد وقعت ثورات محلية، وتأهبت بعض الجماعات المحتشدة في المناطق الجبلية للمقاومة، وعاثت في الأنحاء المجاورة، ولكنها كانت فورة المحتضر، فأخمدت حركاتهم بسرعة، وقتل منهم عدد كبير.
وتظلم كثير من المدجنين من قرار النفي، وقالوا إنهم اعتنقوا النصرانية طوعاً قبل التنصير الإجباري، وغدوا نصارى وإسبانيين قبل كل شيء، فصدر الأمر إلى الأساقفة ببحث ظلامتهم، وأن يسمح بالبقاء لمن توفرت فيه منهم شروط الولاء والإخلاص (١).
(١) Dr. Lea: History of the Inquisition in Spain; Vol. ١١١. P. ٣٩٩