للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفذت قرارات النفي في كل مكان بصرامة ووحشية واستمرت السفن شهوراً بل أعواماً، تحمل أكداساً من الكتل البشرية المعذّبة، فتلقي بها هنا وهناك، في مختلف الثغور الإفريقية، في جو من المناظر المروّعة المفجعة.

وقد اختلف المؤرخون اختلافاً كبيراً في عدد الموريسكيين الذين أُخرجوا من إسبانيا تطبيقاً لقرار النفي، فيقول نفاريتي وهو من أعظم مؤرخي إسبانيا: إنه نُفِي من إسبانيا في مختلف الأوقات، نحو مليوني يهودي، وثلاثة ملايين موريسكي. ويقدر آخرون عدد المنفيين من الموريسكيين بأربعمائة ألف أو تسعمائة ألف ويقدرهم دون لورنتي مؤرخ "ديوان التحقيق" بمليون نسمة، ويقدرهم المستشرق فون هامار بثلاثمائة ألف وعشرة آلاف نسمة. وفي الرواية العربية الموريسكية يقدر عدد الموريسكيين المنفيين بستمائة ألف. ونحن نميل إلى أن عددهم لا يمكن أن يتجاوز هذا القدر، وقد كان مجموعهم في أواخر القرن السادس عشر ستمائة ألف حسبما قدّمنا. ويقدر عدد من هلك من الموريسكيين أو استُرِق منهم أثناء مأساة النفي بنحو مائة ألف (١).

وقد عاد معظم الموريسكيين الذين نفوا إلى إفريقية والمشرق، إلى الإسلام دين الآباء والأجداد، ولم تخمد مائة عام من التنصير القسري، والإرهاق المستمر، جذوة الإسلام في نفوسهم، وقد لبث على كرّ العصور متغلغلاً في أعماق سرائرهم.

وبذلك ينتهي الفصل الأخير، من مأساة الموريسكيين، وتُطوَى إلى الأبد صفحة شعب، من أنبل وأمجد شعوب التاريخ، وحضارة من أزهر الحضارات.

ج - وتقدّم لنا الرواية المغربية، تفاصيل ضافية عن مأساة الموريسكيين، من بدايتها إلى نهايتها، وتخصها بكثير من النقد والتعليق. ولكن الرواية


(١) Dr Lea: The Moriscos ; P. ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>