للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبقائهم بيننا ينشأ عنه فساد كبير، وهول شديد بسلطتنا، وأن بإخراجهم من بيننا يصلح الفساد الناشئ من إبقائهم بمملكتي، أردت إخراجهم من سلطتنا جملة، ليزول بذلك الكدر الواقع، والمتوقع للنصارى، الذين هم رعيتنا، طائعين لأوامرنا وديننا، ورميهم إلى بلاد المسلمين أمثالهم، لكونهم مسلمين.

"فانظر رحمك الله، كيف شهد عدو الدين، الملك الكافر، بأنهم مسلمون، واعترف أنه لم يقدر على إزالة دينهم من قلوبهم، وإنهم متمسكون كلهم به، مع أنه كان يحرق منهم من ظهر عليه الدين، ثم وصفهم بالعناد لرؤيته فيهم لوائح المسلمين وأماراتهم، فأي علامة أكبر من صبرهم على النار لدين الحق، ومن استنجادهم بملك دين الإسلام المؤيّد لحماية الدين، أمير المسلمين السلطان أحمد آل عثمان نصرهم الله تعالى، فهذا غاية الخير والعزّ والبركة لهذه الطائفة الطاهرة الأندلسية".

"فخرجوا كلهم سنة تسعة عشر (كذا) وألف. ووجد في دفاتر السلطان الكافر، أبعده الله تعالى، أن جملة مَن أُخرِج من أهل الأندلس كافة، نيف وستمائة ألف نسمة، كبيراً وصغيراً، فكانت هذه الواقعة منقبة عظيمة، وفضيلة عجيبة لجماعتنا الأندلسيين زادهم الله شرفاً بمنّه، وأمر أيضاً بإخراج مَن كان مسجوناً في كافة مملكته، وكل مَن كان أمر بإحراقه فأخرجه وعفا عنه، وزوّده وأرسله إلى بلاد الإسلام سالماً، فيالها من أعجوبة ما أعظمها، ومن فضيله ما أشرفها، ومن كرامة ما أجملها، ومن نعمة ما أكبرها، فما سُمِعَ من أول الدنيا إلى آخرها مثل هذه الواقعة" (١).


(١) كاتب هذه الرسالة، هو النّسابة محمد بن عبد الرفيع الأندلسيّ المتوفَّى سنة (١٠٦٢ هـ-١٦٥٢ م)، أي بعد نفي الموريسكيين بإثنين وأربعين عاماً، وقد وردت في آخر كتابه المسمى: "الأنوار النبويّة في أخبار البريّة"، وهو لا يزال مخطوطاً. وقد نقل الرسالة المذكورة الشاعر أبو عبد الله محمد بوجندار في كتابه المسمى: "مقدمة الفتح في تاريخ رباط الفتح" (الرباط ١٣٤٥ هـ)، والرسالة منقولة عن هذا الكتاب مع =

<<  <  ج: ص:  >  >>