قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصى].
وصدق، فهي كثيرة جداً في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فأنت لو أخذت تستقرئ صحيح البخاري تريد أن تتلمس الأحاديث التي يفهم منها علو الله عز وجل تجدها كثيرة جداً، في أبواب متعددة، حتى في موضوعات العتاق والطلاق والنكاح وغير ذلك.
ثم مثَّل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى للأحاديث التي تدل على ذلك بقصة معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه، والمعراج لم يأت في القرآن، فالوارد في القرآن هو الإسراء، قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[الإسراء:١]، وأما المعراج فهو وارد في السنة، لكن تواترت الأحاديث في معراج النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء، ولكن وردت أحاديث فيها أمور مفصلة، وأحاديث فيها أمور مجملة، ووردت بعض الزيادات في أحاديث لم ترد في أحاديث أخرى، فهذه الزيادات ليست متواترة، لكن المتواتر هو قصة المعراج، وهذا يسمى التواتر المعنوي، فإن التواتر -كما هو معلوم- نقل جمع عن جمع يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب، وأسندوه إلى أمر محسوس.
فالتواتر يقسمه العلماء إلى قسمين: تواتر نصي أو لفظي مثل حديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
وهناك تواتر معنوي، وهذا هو الأكثر في السنة، مثل أحاديث المسح على الخفين، ومثل أحاديث المعراج وغيرها، فإنها تواترت تواتراً معنوياً.
وقصة المعراج تدل على علو الله عز وجل، فإنه عرج به من السماء إلى الأرض، وسمع كلام الله عز وجل في السماء.