[الرد على من يقول: إن منهج السلف منهج قديم لا يواكب الحضارة]
من الشبهات التي أثيرت حول منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم: أنه منهج قديم لا يواكب الحضارة والعولمة! فهؤلاء يقولون: منهج السلف منهج قديم قد انتهى، فقد كان في وقت من الأوقات يصلح، لكن الآن لم يعد يصلح مع التقنية المعاصرة الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم، ومع عصر العولمة وتقارب الناس تقنياً وفكرياً إلى آخره.
والبديل عند هؤلاء هو الحداثة، وهو أن نهدم القديم ونبني مجتمعاً جديداً من أفكارنا نحن، فمادام منهج السلف قديماً فهو لا يصلح عندهم للتطبيق الآن في مجال الاعتقاد، ولا يصلح للتطبيق في مجال السياسة، ولا يصلح للتطبيق في الاقتصاد العالمي، ولا يصلح للتطبيق في الأدب، ولا يصلح للتطبيق في أي مجال من المجالات، فما هو الحل؟ قالوا: الحل هو أن نخترع لأنفسنا ديناً جديداً ومنهجاً جديداً نواكب به الحضارة في كل مجالاتها، فنخترع منهجاً عقائدياً جديداً، ومنهجاً سياسياً جديداً، ومنهجاً اقتصادياً جديداً، ومنهجاً تعليمياً، ومنهجاً فنياً، ومنهجاً أدبياً، ومنهجاً في أي باب من الأبواب، وهكذا نخترع منهجاً جديداً بعيداً عن كل قديم.
وهذا يدل على أن هؤلاء يريدون أن يهدموا الأديان، وهي فكرة في الحقيقة ماسونية ويهودية، فهم يريدون أن يهدموا الأديان جميعاً، ويدخل في الهدم اليهودية والنصرانية والإسلام، ويدخل في الهدم الأنبياء، ويدخل في الهدم كل التفاصيل السابقة، ويدخل في الهدم التاريخ الإسلامي كله، ويدخل في الهدم علماء المسلمين والصحابة رضوان الله عليهم، وهذه الفكرة فكرة إلحادية كفرية خطيرة على الإسلام والمسلمين، ويمثل هذه الفكرة الحداثيون.
ولهذا نحن نقول ونكرر دائماً: إن أهل الحداثة ليس الخلاف بيننا وبينهم في التركيب الشعري، فهم ينثرون الشعر ونحن نقول: ينظم، وهم يقولون كلاماً غير مفهوم، ونحن نقول كلاماً مفهوماً، ليس الخلاف هنا، بل هم يرون أن الحداثة منهج تغييري جديد يقتضي هدم كل ما هو قديم، وبناء حياة جديدة، وبالتالي فإن أهل الحداثة ينتقدون منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم.
والرد على هؤلاء هو أن نخاطبهم مخاطبة الكفار، فنقول لهؤلاء: هل تثبتون أموراً يقينية في الحياة أو ليس هناك شيء يقيني عندكم؟ فإن كانوا يثبتون أموراً عقلية يقينية خاطبناهم بأدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم التي سبق أن أشرنا إليها، فإذا بينا لهم أن المنهج العقلي يدل على أن الرسول صادق فإن من العقل أن ما جاء به صدق وحق، فإذا عرفنا أن ما جاء به صدق وحق عرفنا أن هذا الدين سيستمر إلى قيام الساعة، وعرفنا أن هناك يوماً آخر يجتمع فيه الخلق ويعذبون أو ينعمون، وعرفنا ما هو من حقائق هذا الدين.
أما إذا كانوا لا يثبتون قواعد عقلية مشتركة عند كل الناس فمثل هؤلاء مرضى لا ينفع معهم الخطاب، ولهذا لو أن إنساناً تنزل معهم وقال: دعونا نهدم كل ما هو قديم، ودعونا نؤسس منهجاً جديداً، فكيف يكون ذلك وقد يختلف الناس، هذا يطرح فكرة وهذا يطرح فكرة؟ ما هو المنطق الذي تحتكمون إليه عند اختلافكم؟ فسيقولون: نحكم المنطق العقلي والمنفعة! فيقال لهم: قد يأتيكم شخص فيقول: إن الرسول القديم الذي أردتم هدم شريعته حق من منطلق عقلي، فإذا أرادوا مناقشته أثبت لهم صدق الرسول بالأدلة السابقة، وحينئذ سيضطرون للإيمان بالرسول، وسيلزمهم كل ما تضمنه دين الرسول من احترام منهج السلف واحترام هذا الدين، وإثبات اليوم الآخر إلى آخره من العقائد المعروفة.