وهذا الإسناد ليس هو الوحيد الذي يبين أن مقالة التعطيل مأخوذة عن اليهود، بل إن الإنسان عندما يقرأ في أفكار اليهود ومناهجهم يجد أن اليهود كانوا على طريقتين فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وما يتعلق بالتعامل مع نصوص الكتاب المنزل عليهم.
المنهج الأول: وهو منهج أكثر اليهود، وهو أنهم كانوا يشبهون الله بخلقه، ويرون أنه على صورة إنسان، كما قال ذلك هشام بن الحكم الرافضي المشهور، الذي كان أول من أتى بالتشبيه في الأمة، وكان أول المشبهة من فرق الأمة هم الشيعة الذين أخذوا مقالتهم عن عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف.
المنهج الثاني: منهج التعطيل، وهذا الاتجاه كان اتجاهاً معروفاً وكبيراً، ولهذا نجد أن المتأخرين من اليهود الذين كانوا في الأندلس وفي المشرق الإسلامي يميل إلى مذهب الجهمية ومذهب المعتزلة، كما ذكر ذلك ابن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح، وفي غيره من كتبه.
مما يؤكد أيضاً صحة هذا الإسناد أن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم ألف كتاباً في القول بخلق التوراة، فنقلت عنه إلى المسلمين عن طريق بيان بن سمعان، ونقلها عنه الجعد بن درهم، ونقلها عن الجعد بن درهم جهم بن صفوان، فقالوا بخلق القرآن، والتوراة هناك يقابلها القرآن عند المسلمين، وهذا يؤكد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة.