[نقد الكوثري حديث الجارية والرد عليه]
وأما نقد هذا الحديث من حيث الإسناد، فقد نقد الشيخ الألباني كلاماً للكوثري يريد أن يبطل هذا الإسناد.
يقول الكوثري في تعليقه على الأسماء والصفات للبيهقي بعد أن صححه البيهقي وقال: وهذا صحيح قد أخرجه مسلم، فقال الكوثري في الحاشية: انفرد عطاء بن يسار برواية حديث القوم -يعني: حديث أهل السنة- عن معاوية بن الحكم، وقد وقع في لفظ له كما في كتاب العلو للذهبي ما يدل على أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع الجارية لم يكن إلا بالإشارة، وورد في بعض ألفاظ هذا الحديث أن هذه الجارية أعجمية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم معها بالإشارة، (فسألها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، وسألها: من أنا؟ فأشارت إليه ثم أشارت إلى السماء)، يعني: أنت رسول الله.
يقول: وسبك الراوي ما فهم من الإشارة في لفظ اختاره، فلفظ عطاء الذي يدل على قولنا هو: حدثني صاحب الجارية نفسه الحديث، وفيه: (فمد النبي صلى الله عليه وسلم يده إليها مستفهماً: من في السماء؟ قالت: الله، قال: فمن أنا؟ فقالت: رسول الله، قال: أعتقها؛ فإنها مسلمة)، وهذا من الدليل على أن (أين الله) لم يكن لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد فعلت رواية (في) بالمعنى في الحديث ما تراه من الاضطراب.
وهذا قول فاسد باطل؛ لأن الرواية التي وردت بأن الجارية كانت أعجمية هي رواية ضعيفة رواها الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في السنن، وفي إسنادها عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي، وهذا الرجل اختلط في آخره، ويقول أحد العلماء وهو ابن نمير: كان ثقة واختلط بآخره، سمع منه ابن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة، وهذا الحديث من رواية يزيد بن عمرو عنه، فهذا يدل على أن هذه الرواية ضعيفة، وليست صحيحة، ثم عامة الروايات وردت بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (أين الله؟ قالت: في السماء).
ثم لو تنزلنا مع الكوثري هذا، وقلنا: إن رواية الإشارة صحيحة، فهذا نص في أن الله عز وجل في السماء، فإنه باعتراف الكوثري بعد هذا التعنت وهذا التأول نقول: ماذا قال لها رسول الله بالإشارة؟ فسيقول: أشار هكذا، يعني: (أين الله؟ فأشارت إلى السماء، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك)، وكونه أقرها على ذلك دليل على أنه في العلو، ثم إن الحديث الوارد في صحيح مسلم في حديث جابر في الحج أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لهم: (هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم فاشهد)، يرفع إصبعه إلى السماء وينكتها عليهم، وهذا أيضاً دليل أن الله سبحانه وتعالى في السماء، وأن تأويلات الكوثري وغيره تأويلات فاسدة لا مكان لها.
قال المؤلف رحمه الله: [وقوله في الحديث الصحيح: (إن الله لما خلق الخلق كتب في كتاب موضوع عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي)].
الشاهد من هذا الحديث هو قوله: (موضوع عنده فوق العرش)، فالله عز وجل فوق العرش كما هو معلوم، وهو صريح في إثبات العلو، وهذا الحديث رواه مسلم.
قال المؤلف رحمه الله: [وقوله في حديث قبض الروح: (حتى يعرج بها إلى السماء التي فيها الله)].
وهذا الحديث رواه ابن ماجة وأحمد وابن خزيمة في التوحيد، وإسناده صحيح.
يقول شيخ الإسلام تعليقاً على هذا الحديث: [إسناده على شرط الصحيحين].