[نقد الاستخدام السيئ لقاعدة اليسر والسماحة في الشريعة]
المثال الثاني: هو وجود طائفة ممن ينتسبون إلى العلم الشرعي، يقولون: نحن نرى فقه التيسير على الأمة، وأن هذه الشريعة شريعة سمحاء، وإن من القواعد الشرعية المعروفة أنه إذا ضاق الأمر اتسع، وهكذا يكررون ما يتردد على ألسنة الفقهاء من سماحة هذا الدين، وأيضاً ما هو موجود في القرآن والسنة، ويضعون لأنفسهم قاعدة: أن المسألة إذا كان فيها رأي لعالم سابق وفيه مصلحة للناس فإنا نقول به.
فأصبحوا يتتبعون شواذ الفتاوى القديمة، ويتتبعون السقطات التي حصلت عند بعض أهل العلم قديماً، ويتتبعون رخص الفقهاء والعلماء، ويفتون الناس بها.
وهذه القاعدة التي وضعوها قاعدة باطلة منحرفة تشبه قاعدة: الحلول والحوادث وتشبه قاعدة: التركيب، وتشبه القواعد البدعية الأخرى، وما من مسألة من المسائل إلا ويوجد فيها مخالف، وإنما تعبدنا الله عز وجل بالقرآن والسنة، فإذا كانت المسألة واضحة في الكتاب والسنة، وأفتى عالم من العلماء على خلاف هذه المسألة فنحن لا نقبل كلامه، ولهذا نص الأئمة الأربعة وغيرهم على لزوم الكتاب والسنة.
قال الإمام الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي.
ويقول أبو حنيفة وغيره: إذا خالف قولي قول الله ورسوله فارموا بقولي عرض الحائط! وهذا يدل على أن العبرة بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: هذه القاعدة خطيرة جداً، وقد تحدث أهل العلم عن تتبع رخص العلماء، ولهم كلمة مشهورة في هذه المسألة: وهي أن من تتبع رخص أهل العلم تزندق.
أما الجاهل الذي لا علم له فإنه يأتي إلى من يثق فيه من أهل العلم ويسأله، وهذا هو الفرض الذي أوجبه الله عليه، فقد فرض على العامي سؤال أهل الذكر؛ لقول الله عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣]، فإذا سأل أحداً من أهل الذكر يثق فيه فإنه يلتزم بقوله، والعامي الذي يتلاعب فيسأل هذا ويسأل هذا، ثم يأخذ أسهل شيء له، فهو مثل هؤلاء، فلا يصح أن يتلاعب الإنسان بالدين بهذه الطريقة.