للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نبذة عن كتاب الحموية الكبرى]

ومن هنا وقع اختيارنا على هذا الكتاب المهم الذي هو الفتوى الحموية الكبرى، لاسيّما أننا سبق أن درسنا كتاب (العقيدة الواسطية)، وهي معتقد مختصر اشتمل على مجموعة من أبواب العقيدة في الأسماء والصفات، وفي الإيمان، وفي القدر، وفي اليوم الآخر، وفي الغيبيات، وفي النبوات، وفي الصحابة ونحو ذلك من الأبواب العظيمة من أبواب الاعتقاد.

وهذا الكتاب -الفتوى الحموية- يعتبر في سلم التعلم في الدرجة الثانية قبل دراسة شرح العقيدة الطحاوية التي هي من أكبر كتب الاعتقاد تفصيلاً، وليست هي أكبرها، فيوجد كتب أكبر منها، لكن هي من أكبر الكتب التي تدرس دراسة مفصلة في مجال الاعتقاد.

وكما سبق أن أشرنا في درس العقيدة الواسطية: أن كثيراً من الكتب تسمى إما باسم السائل، أو باسم البقعة والمدينة التي جاء منها السؤال، أو باسم الكاتب في بعض الأحيان.

فمثلاً: كتاب العقيدة الواسطية سمي بذلك نسبة إلى القاضي الذي جاء من واسط من العراق وطلب من ابن تيمية رحمه الله أن يكتب له ملخصاً في الاعتقاد، فاعتذر في بداية الأمر وقال: الناس كتبوا رسائل في الاعتقاد كثيرة، فقال: لا أريد أن أقرأ أو أحفظ إلا ما تكتبه أنت، فكتب له الرسالة المشهورة التي هي العقيدة الواسطية.

وهذه الرسالة التي هي الفتوى الحموية الكبرى هي عبارة عن جواب كتبه شيخ الإسلام رحمه الله لسؤال قدم إليه من حماه، وهي مدينة مشهورة في بلاد الشام وفي شمال سوريا بشكل محدد.

والعقيدة الطحاوية هي نسبة إلى أبي جعفر الطحاوي رحمه الله، العالم الحنفي المشهور، وهكذا مثلاً كتاب التسعينية، سمي بسبب أنه رد على الأشاعرة في موضوع الكلام النفسي من تسعين وجهاً تقريباً، وهكذا بقية الرسائل التي لـ ابن تيمية رحمه الله مثل: الكليلانية، ومثل: شرح العقيدة الأصفهانية، وغيرها من كتبه رحمه الله، فإنها كانت تسمى في بعض الأحيان باسم البقعة التي جاء منها السؤال، أو باسم السائل، أو باسم المردود عليه، أو نحو ذلك من الأسماء المتعددة.

فهذا إذاً هو سبب تسمية هذا الكتاب بالفتوى الحموية الكبرى، وسبب تسميتها بالكبرى هو أن ابن تيمية رحمه الله كتب في بداية الأمر هذه الرسالة مختصرة، ولما حصلت لـ شيخ الإسلام الفتنة التي سنتعرض للكلام عليها -بإذن الله- أضاف بعد ذلك مجموعة من النقول عن السلف رضوان الله عليهم، ومجموعة من النقول عن الأشاعرة والصوفية في موضوع الصفات، فسميت كبرى؛ لأنه انتشر عند الناس نسختان: نسخة بدون هذه النصوص، ونسخة بهذه النصوص، فسميت الأولى التي بدون هذه النصوص الصغرى، وسميت هذه الموجودة بالنصوص الكبرى، هذا ما أفاده الشيخ عبد الرزاق حمزة رحمه الله في تحقيقه لهذا الكتاب، وكان رحمه الله تعالى من أوائل من أظهر هذا الكتاب.

أما تاريخ تأليفها فقد أشار إليه المحقق بأنها كانت في سنة ستمائة وثمانية وتسعين هجرية، ورد أنه جاء إلى شيخ الإسلام رحمه الله سؤال من حماه يسأل فيه صاحبه عن آيات الصفات، ويسأل عن أحاديث الصفات، وينص على صفة العلو بشكل خاص، فرد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية بهذه الرسالة الموجودة والتي انتشرت في الناس انتشاراً كبيراً بعد ذلك.

وشيخ الإسلام رحمه الله ولد في سنة ستمائة وواحد وستين فيكون عمر ابن تيمية رحمه الله عندما كتب هذه الرسالة سبعة وثلاثين سنة، يعني: دون الأربعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>