[الرد على من يقول: إن منهج السلف منهج جاف لا عناية له بالروحانيات]
الشبهة الثالثة: أن منهج السلف منهج جاف لا عناية له بالروحانيات، ولهذا اتجه هؤلاء نحو التصوف كحل لعلاج هذه المشكلة، ونجد أن بعض أصحاب الدعوات المعاصرة الآن يقولون: نحن دعوة سلفية صوفية رياضية! فقيل: كيف تكون دعوة سلفية وصوفية في نفس الوقت؟ قالوا: نأخذ من السلفية العقائد الصحيحة، ونأخذ من الصوفية الروحانيات.
فقيل: هل السلفية لا يوجد بها روحانيات؟ قالوا: لا، بل فيها جمود، وفيها جفاف، فنقول: هذا هو الفهم الباطل الذي دفع الصوفية في بداية الأمر للمسالك المنحرفة عن منهج السلف رضوان الله عليهم، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيف يتعبدون لله، وما هو الطريق الذي يسلكونه إلى الله عز وجل.
فلما جاء الصوفية ظنوا أن هذا الدين ليس فيه منهج للتعبد، فاخترعوا منهجاً وقالوا: إن الإنسان يتعبد في خلوة ويذكر الله عز وجل بطريقة معينة، ثم بعد ذلك تأتيه كشوفات، فإذا جاءته الكشوفات هي كرامات، وفي آخر هذه الكرامات تسقط عنه التكاليف! ويمكن مراجعة كتب الصوفية في هذا الأمر.
إذاً: الصوفية ما التجئوا إلى منهج مخترع في التعبد إلا لاعتقادهم بأن منهج السلف منهج ناقص وجاف، وهكذا أصحاب هذه الدعوة التي أشرنا إليها، والتي يقولون فيها: إن دعوتنا دعوة سلفية صوفية رياضية، هؤلاء ما قالوا: إن دعوتهم صوفية بهذه الطريقة، إلا أنهم يظنون أن منهج السلف لا يتضمن منهج التعبد لله سبحانه وتعالى، وحينئذ فإن هذا فهم ناقص لمنهج السلف، فإن منهج السلف كما أنه منهج في تصحيح قضايا الاعتقاد في الله عز وجل وصفاته وأفعاله، فكذلك هو منهج في السلوك، وهو منهج في تزكية النفوس، ومنهج في التعبد لله، ومنهج في الدعوة إلى الله، ومنهج في الإصلاح والتغيير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنهج في كل باب، منهج السلف هو حقيقة الدين نفسه، فالدين الصحيح هو منهج السلف رضوان الله عليهم.