إن هذا العلم علم مذموم ذمه السلف رضوان الله عليهم، والسبب في ذم السلف الصالح رضوان الله عليهم لهذا العلم، ليس هو كون هذا العلم جاء باصطلاحات جديدة ليست معروفة، مثل اصطلاح الأعراض والجواهر، والجوهر الفرد، وغيرها من المصطلحات الحادثة الجديدة، وليس هذا هو السبب، وإنما السبب هو أن هذه المصطلحات تتضمن عقائد بدعية؛ ولأن المسائل التي ذكرها أهل الكلام هي مسائل مخالفة لنصوص الوحيين، ولأن الأدلة التي استدلوا بها هي أدلة مبتدعة، وليس قولنا: أدلة مبتدعة يعني أنها أدلة مخترعة، فإنه أحياناً قد يكون الدليل مخترعاً لكن يكون صحيحاً، لكن هذه أدلة مخترعة وباطلة في نفس الوقت، مثل دليل حدوث الأجسام، وغيره من الأدلة التي استدلوا بها، وهي أدلة باطلة تتضمن عقائد باطلة.
إذاً: السلف رضوان الله عليهم لم يذموا علم الكلام لأنه علم جاء بمصطلحات جديدة، وإنما ذموه لأنه يتضمن عقائد باطلة ومخالفة للحق ولهذا ذموه، وكذلك عندما ذموا التصوف هم لم يذمو لأن فيه عبارات وإشارات غير معروفة لم يستعملها الصحابة، وإنما ذموه لأن هذه العبارات وهذه الإشارات تتضمن عقائد معنوية، وهذه العقائد المعنوية عندما نزنها بالكتاب والسنة نجد أنها إما في قاموس البدعة، وإما أن توضع في الشرك.