[مشاركة المفوضة للكافرين في مقالتهم لا يعني تكفيرهم]
السؤال
أشكل علي قول ابن تيمية رحمه الله في ثنايا قوله في الرد على مقولة المفوضة: شاركوا فيها إخوانهم من الكافرين، فهل يرى ابن تيمية رحمه الله تكفير أصحاب هذه المقالة؟
الجواب
لا يلزم من قول ابن تيمية هذا أنه يكفر أصحاب هذه المقالة، لكن المقصود: أن هؤلاء شاركوا الكافرين في مقالتهم، ثم الحكم عليهم يحتاج إلى وجود الشروط التامة فيهم، وانتفاء الموانع عنهم حتى يكونوا من الكافرين، ولهذا قد يشارك الإنسان أحياناً إبليس في صفة الحسد والكبر، فلا يكون مثل إبليس مائة بالمائة.
وهكذا لما شاركوا هؤلاء الكفار في هذه الفكرة لا يلزم أن يكونوا كفاراً مثلهم، وبعض الناس الآن قد يشارك بعض الكفار في بعض الصفات، سواء كانت صفات خلقية أو خلقية، فيصح أن يقال: شاركوا الكفار في كذا، ولا يلزم من هذا التكفير.
أما قوله:(إخوانهم)، فلا يلزم من ذلك أنه يكفرهم، لأمرين: لاحتمال أن يقصد بإخوانهم: أصحابهم ممن ناقشوهم وناظروهم، فإن الله عز وجل يقول:{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}[الأحقاف:٢١]، وليس مقصوده أنه أخوهم في الدين، وإنما المقصود: صاحبهم في السكن، وفي النسب، وفي الدعوة والإصلاح، هذا من وجه.
والوجه الثاني: أنه ربما أراد ابن تيمية رحمه الله التنكيل بهم؛ لأنهم شاركوا الكافرين، فنسبهم إليهم في مثل هذه الحالة، والمقام الذي تحدث عنه ابن تيمية ليس مقام حكم، ولهذا لا يصح أن نأخذ من كلام أهل العلم أحكاماً وهو ليس في سياق الأحكام، فقد نفهم أن هذا الكلام جاء به ابن تيمية وكتبه وهو مغضب على هؤلاء، وليس قصده تقرير الحكم الشرعي فيهم، فإنه إذا أراد أن يقرر الحكم الشرعي فيهم تغيرت طريقته بالمرة، وحينئذ لا يصح أن يقتنص الإنسان كلمة ويقول: إن ابن تيمية يكفرهم، هذا لا يصح، وقد تكلم ابن تيمية على مسألة تكفير الفرق في رسالة له مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى.