نقد قاعدة نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه
المثال الثالث: أن الأستاذ حسن البنا رحمه الله تعالى ذكر قاعدة أخذها أتباعه ووسعوها توسيعاً كبيراً، وهو أخطأ في إطلاق هذه القاعدة، والقاعدة هي: نتعاون فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
ووجه الخطأ في هذه القاعدة هو قوله:(ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)، وذلك لأن الناس يختلفون في أمور متعددة، بعضها يعذر الخلاف فيه، وبعضها لا يعذر، فالذي يخالفنا في العقائد هل نقول في حقه: يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه؟ لا يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، فنحن لا نعذر الشيعة عندما خالفونا؛ لأن خلافهم في العقائد وهو باطل، وقد وصل إلى الشرك، كذلك لا نعذر القبوريين الذين يطوفون حول القبور ويذبحون لها، وينذرون لغير الله عز وجل، مثل دعوى محمد علوي المالكي وأمثاله؟ كذلك هل نعذر الأشاعرة والمعتزلة في أمور العقائد؟ لا نعذرهم، وهذا أمر بإجماع أهل العلم من أهل السنة أي: أن هذه القضايا لا يعذر فيها.
والمخالف للإجماع لا يعذر صاحبه؛ لكن إذا جئنا لنحكم عليه فإننا ننظر إلى مقالته ثم نقيس مدى بعده أو قربه من الكتاب والسنة، ولهذا يقول ابن تيمية رحمه الله: إن أهل السنة هم أرحم الخلق بالخلق؛ لأن ميزانهم منضبط ليس مبنياً على الهوى والتعصب والآراء الشخصية.
إذاً: هذه قاعدة عامة، ولهذا وجد في أتباع الأستاذ حسن البنا الرجل الصوفي والشيعي، ووجد في أتباعه كثير من أهل البدع، ووجد في أتباعه أيضاً من يتبنى مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم.
والعذر يكون في الخلاف في مسائل الاجتهاد، وهي المسائل الفقهية في الغالب، ويمكن مراجعة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه:(رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لمعرفة حدود الإعذار لهؤلاء العلماء المختلفين، لكن هل الخطأ والانحراف في هذه القاعدة مثل الانحراف في قاعدة الأشاعرة؟ لا، ليس مثلها، وهل هي مثل الانحراف في قاعدة الباطنية؟ لا، ليس مثلها.