قال رحمه الله:[وأقروا على نفوسهم بما قالوه، متمثلين به أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم، كقول بعض رؤسائهم].
المقصود بهذا القائل: هو الفخر الرازي، وهو إمام عظيم من أئمة الأشاعرة يعظمونه كثيراً، وذكر هذا في كتابه أقسام اللذات، ونقله ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض في غيره.
قال رحمه الله:[نهاية إقدام العقول عِقَالُ وأكثر سعي العالمين ضلال].
سبحان الله! تأملوا نهاية إقدام العقول، وعندما تريد أن تصل إلى عقائد صحيحة أو تشريعات صحيحة فنهايتها عقال، يعني: أنها مكبلة؛ لأنها محدودة وضيقة وصغيرة لا يمكن أن تسعى للكمال ولا يمكن أن تصل إليه.
قال رحمه الله: [وأرواحنا في وحشةٍ من جسومنا وغاية دنيانا أذىً ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سِوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن.
اقرأ في الإثبات:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}[فاطر:١٠]، واقرأ في النفي:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١]، {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:١١٠]، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي].
قول الرازي هذا فيه عبرة لكل من سار على نهجه وطريقته، فإن الرازي اشتغل بدراسة المعقولات في حياته كلها، وأمضى حياته بأكملها في هذا الموضوع، وانظروا في آخر الأمر ماذا يقول! إذاً: كان الواجب على المشتغلين بعلم الكلام المتأخرين أن يعتبروا، فهذه الكلمات خلاصة لعمر كامل نهايته حيرة وشك وشعور بالضلال، وشعور بالوحشة وعدم الارتياح، ولهذا صدق عندما قال:(لقد تأملت الطرق الكلامية)، فـ الرازي كان من الكبار، وله كتب كبيرة جداً في علم الكلام، منها كتاب الأربعين في أصول الدين، ومعالم في أصول الدين، وله أيضاً كتاب المطالب العالية في العلم الإلهي، وله مجموعة كثيرة من الكتب في قضايا الكلام.