أما دليل التشبيه والتمثيل فقد سبق أن أشرنا إليه: وهو أنهم يرون أن كل هذه الصفات إذا أثبتناها تستلزم مشابهة الله للمخلوقات، ونحن ذكرنا أن إثبات الصفات لله لا تستلزم مشابهة الخالق سبحانه للمخلوق في شيء، وربما يأتي لها موضع آخر بإذن الله تعالى.
الذي أريد أن أصل إليه هو أن هؤلاء اعتمدوا في نفي الصفات على الأدلة العقلية التي سبق أن ذكرناها، وأنه لم يكن نفيهم لهذه الصفات بسبب التباس بعض الأدلة الشرعية في أذهانهم، ولكن الذي حصل هو الاستدلال بالأدلة العقلية هذا أولاً.
ثانياً: أن هذه الأدلة العقلية مخالفة للحق من ثلاث جهات: من جهة اللغة، فقد استخدموا معاني جديدة غير موافقة للغة، كالتركيب والانقسام، وأيضاً التوحيد استخدموه في معان غامضة ما كان العرب يعرفونها.
ومن جهة ثانية هي مخالفة للشرع، ومن جهة ثالثة مخالفة للعقل.
ولهذا عندما تحدثنا عن شبهة التركيب قلنا: إما أن يقصدوا أن غير الله ركبه، وهذا لاشك أنه باطل، وهم لا يقصدونه، وإما أن تكون هناك اعتبارات ذهنية في فهم التركيب، وأن اليدين جهة، والعين جهة أخرى وهكذا، وهذا التركيب الذهني لا يصح أن ننفي الصفات من أجله.