ولهذا كان لنا الدخول في البحث العلمي مع ثقافات العالم, ووسيلة لإقناع الناس بصلاحية فقهنا الإسلامي القديم والجديد على السواء وأنهما الصالحان لكل زمان ومكان والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة" (١) , وأنهما سبيل النهضة بالشريعة لتطبق على الجميع, وفي مقدمتهم المسلمين.
وبالمناسبة فإن هذه الثروة الفقهية ذخيرة لا نظير لها عند غيرنا!!
ولم يهمل الله - جل شأنه - عقول هذه الأمة التي أُخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, وتؤمن بأنه -سبحانه- خالقهم, وسوَّى أمورهم, ولم يعطِّل مداركهم, ولم يجمِّد أفكارهم, لتكون متحيرة أمام المسائل الجزئية التي تحل بهم وتنزل في ساحتهم مع تغيير العصر, أو تبدل المصر, بل ساقهم إلى التفكير الدائم في الإنسان, والكون, والحياة, وحثهم على العمل الدؤوب لصالح الأمة, وحملهم على الاجتهاد المنشود لاستنباط الجزئيات المتفرعة من الكليات المقررة, والأصول الثابتة من الكتاب والسنة.
{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} [النساء: ٨] , وقوله تعالى {فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: ٢] , وقال العلماء بأنها بمعنى العبور من النص الموجود إلى المسألة الجديدة.
ولما كان إعمال الفكر في نصوص الكتاب والسنة, هو الوسيلة إلى التعرف على الأحكام التي لا نصوص عليها, وأن الاجتهاد طريقاً حتمياً للوقوف على أهداف الشريعة, وسبيل الحفاظ على خلودها وصلاحيتها ومرونتها.
(١) الحديث رقم ٧٢٨٧ بصحيح الجامع الصغير وزيادته, تخريج الشيخ محمد ناصر الدين الألباني, إشراف الشيخ زهير الشاويش, طبع المكتب الإسلامي.