للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك فتح الإسلام باب الاجتهاد على مصراعيه إلى أن تقوم الساعة, أمام علماء الأمة الأكفاء البررة العاملين بالكتاب والسنة, وذلك لتأمين حاجات الناس الضرورية حسب تجدُّد المصالح, وتغيُّر الأعراف, وتقدم الزمن, وهو في كل ذلك أوجد للناس السعادة والحياة الطيبة.

وقد وضع العلماء شروطاًً للاجتهاد قررها الأصوليون, وفيها بعض الاختلافات من حيث الزيادة والنقصان والدلالة, وفي بعض ما ذكروا -مع الأسف- التعنت والتعجيز والإطالة بلا مستند شرعي من غير فائدة, ولن ندخل في شرح تفاصيلها -في عجالتنا هذه- لأنه ليس محلها هنا, وأنتم في غنى عنها.

أهمية الاجتهاد

وإن الاجتهاد في الإسلام أقوى دليل على أن ديننا الحنيف هو الدين الشامل الخالد الوحيد الذي يساير ركب الحضارات الإنسانية عبر كل العصور والأجيال, ويرحب بكل التغيرات الطارئة, والمشاكل الناجمة من تجدد الحوادث والظروف والمصالح على اختلاف المجتمعات الإنسانية في مشارق الأرض ومغاربها, ويعرض لها الحلول المناسبة في ضوء الأحكام الكلية, والأصول الثابتة من الكتاب والسنة إلى قيام الساعة.

والاجتهاد هبة ربانية أتاحها الله للإسلام

إن مسائل العصرِ -وكل عصر- تتجدَّدُ, ووقائعُ الوجود لا تنحصر, ونصوص الكتاب والسنة (مع اتساعها) محصورة محدودة, فكان لزوم وجوب ووجود الاجتهاد في الأمور المستحدثة, حاجةً إسلامية -بل إنسانية- ملحة لمسايرة ركب الحياة وتأمين مصالح الخلق.

وتلبية لهذه الحاجة فقد قام عدد من فقهاء الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- بالاجتهاد ومنهم الخلفاء الراشدون الأربعة, وابن مسعود, وابن عباس, وأبي هريرة, والسيدة الصديقة عائشة أم المؤمنين, وغيرهم, وتبعهم من بعدهم من علماء التابعين وأتباعهم, وكان منهم أئمة الإسلام وفقهاء الأمة -رحمهم الله- أيضاً, بالاجتهاد في المسائل المستجدة في عصورهم, وصار الاجتهاد منحة ربانية مستمرة, يتمتع بها المسلمون, بجهود المجتهدين في كل زمانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>