غير أن ذلك لم يكن خاصاً بعصرهم, بل استمر -في أغلبهم- بعدهم, ومن ثم جاءت العصبية لبعضهم, حتى كاد أن يفهم -ونعوذ بالله تعالى- أن رحمة الله عز وجل صارت عقيمة بعد ذلك, وانقطعت عن العلماء المتأخرين المتأهلين, وهنا رأينا بعد ذلك آثار العصبية المذهبية وحزازاتها, إن لم أقل مصائبها وبلاييها.
ولا شك أن هذا الاعتقاد بالعصبية, أدى إلى الإيمان بانتهاء الاجتهاد والمجتهدين, وهو تحجير لرحمة الله الواسعة, وحكم على قدر الله وقضائه بدون علم, أمام فضل الله, تجاه ما حكم به الناس, ويسره لعباده, في كل الأمور, ومنها: العلم والقدرة على الاستنباط, وأمامهم قول الله عز وجل:{وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم, ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}[الجمعة: ٢ - ٣].