للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسميةُ (السلفيةِ) لا بُدَّ لها مِن سَلفٍ يَسبِقُها تنتهي إليه، وهي تكونُ خلفاً لسلف. وكان هذا السلفُ من تابعيِ التابعين. وقد تَبِعَ كُلُ السلفيين وغيرُهُم من المذاهِبِ من كل الفِرق. بعضاً من التابعينَ حتى أصبحَ الفِقهُ بل والعقيدةُ، وحتى الأخلاقُ أنواعاً كثيرةً جداً، وفي بعضها اختلافٌ ظاهرٌ من اتباعِ الأثر، أو التمسّكِ بالنَّصِ والدليل، أو الجنوح إلى الرأيِ وقولةِ: "نحنُ رجالٌ وهُم رجال"، بعضُهُم اقتصرَ على ما دلَّتهم عليهِ عُقُولُهُم.

وكان مثلُ ذلكَ عنَد كُلِّ المَذاهِبِ الإسلاميةِ المنقَرِضَةِ أو الباقيةِ حتى اليوم: من الحنفية، والمالكيةِ، والشافعيةِ، والحنابلةِ، والظاهريةِ.

والسلفية: أثبتت أكثر ما تقدم، أخذت من كل فرقة ما صحّ عندها عنهم.

والبعض بالبعض اكتفى ... ومن حوى الكل حاز الشرفا

ووجدْنا مِثلَ ذلكَ تماماً في عُهُودٍ أقدمَ من ذلكَ وأقربَ إلى عهدِ الصحابة، كما وجد عند الخوارج، والعثمانيِة، والشيعة، وما تفرق عن كلِّ فِرقَةٍ منها من الجماعات والأتباع. وكذلك ما ترسَّبَ من عقائد المعتزلة، ومن ذلك تقديم العقل على النقل، وهو من أخطر ما عندهم!، وكذلك الأشاعرة، وقد توسطوا في كل ذلك، والماتريدية الذين خالفوا الأشاعرة بعشرات المسائل من غير دليل راجح غالباً!، وكلهم اعتمد التأويل، ولكن على درجات مختلفة، والحق أنها كلها باطلة، وهي مبنية على علم الكلام، ويجمع كل ذلك قولهم على القاعدة عندهم هي: "طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم"، والحق أن طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم".

والسلفيون ينكرون التأويل اللفظي والباطني. وقل على مثل ذلك كان هؤلاء السلفيون، مع أن كل المذاهب والفرق الباطنية، وحتى عند الديانات المنحرفة، وما أوجدَ الناس من أحزابٍ مُخترعة مثل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>