ولا بد من صرف النظر عما كان من فُرقة واختلافات بعد الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وما ترسب بين المسلمين من أقوال وفرق في مسائل الحكم، والعقائد، والفقه، وكان منهم عدد كبير من مختلف الفرق، وكان منهم من سمي:"السلفيون".
إذن فالسلفية: طريقة في المعتقد، والفقه، مفادها: الرجوع إلى ما كان عليه الجيل الأول -السلف الصالح- في العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والسلوك -كما في باقي المذاهب أنها ترجع إلى من انتسبت إليه، وبقيت هكذا حتى اليوم-. تتسع حيناً، وتضيق حيناً آخر، لعوامل مختلفة. وفيها الصواب كل الصواب من جانب، وفيها بعض الخطأ من جانب آخر، وهو مغفور لهم إن شاء الله. لأنه من الاجتهاد الذي يؤجر صاحبه أجرين عند الصواب، ويؤجر أجراً واحداً أيضاً عند الخطأ، وأرجو الله أن تكون كل المذاهب الإسلامية كذلك.
وأما اتساع السلفية فقد كان في فترات، كما أن ضيقها كان في فترات أخرى، وهذا كله لعوامل متعددة.
والسلفية معتمدة على الصحيح الواضح من الكتاب والسنة، والوقوف عند اتفاق الصحابة، وما تتابع بعد ذلك بعمل وفهم التابعين من القرون الثلاثة التي شهد لها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بالخيرية، وتتابعت بعد ذلك بأقوال أهل العلم، والمعتقد، والحديث، والدعوة.
وتركزت أقوالهم عند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (ت ٢٤١هـ) في المعتقد، وفي الفقه غير المكتوب، والمعتمد على مسائل الإمام أحمد، والإمام إسحاق بن راهويْه (ت ٢٣٨هـ)، ومجموعة أمثالهما.
خصوصاً بعد فتن المعتزلة وعلى رأسها أحمد بن أبي دُؤاد (ت ٢٤٠هـ) أيام الخليفة المأمون العباسي (ت ٢١٨هـ) بدءاً من فتنة خلق القرآن، وما تبع ذلك من أقوال المعتزلة الخمسة، وهي:
[١ - التوحيد، ٢ - العدل، ٣ - الوعد والوعيد، ٤ - المنزلة بين المنزلتين، ٥ - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ]