ومن هنا نقول: من كان على منهج النقاد سواء كان متقدما أو متأخرا فهو على منهج المتقدمين، ومن كان على غير منهجهم - مهما كان سبب ذلك - ينبغي التفريق بينهم وبين النقاد بأي مصطلح كان، ولا مشاحة في الاصطلاح.
وإذا تتبعت تصحيح المتأخرين والمعاصرين عموما وجدتهم على غير منهج النقاد، فيصححون ويضعفون بناء على أحوال الرواة عموما. مع الملاحظة أن المتأخرين لم يتكلموا جميعا في التصحيح والتضعيف، كما أن المتقدمين لم يتكلموا جميعا في ذلك. فالمقصود بالمتقدمين هنا هم النقاد، ومن سلك منهجهم ولو كان متأخرا زمنيا، وبالمتأخرين هم الذين يصححون الأحاديث ويضعفونها بناء على ظواهر السند، ولو كان متقدما.
هذا واحد، والأمر الثاني أن الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين فاصل علمي وليس فاصل زمني محدد. فكل من يعتمد على الرواية المباشرة في نقل الحديث فهو من المتقدمين، ومن يعتمد على الكتاب دون السند فهو من المتأخرين. أما تحديدهم بفاصل زمني ففيه صعوبة فإن تحول العادات والأعراف لم يتم إلا على التدرج.
وفي ضوء ذلك فجميع من ذكرتَ أسماءهم في السؤال من المتقدمين.
وعلى هذا الأساس قد فرق بين المتقدمين والمتأخرين ابن الملقن في كتابه (البدر المنير ١/ ٢٧٦)، حين قال: هذا كله كان على رأي السلف الأول، يذكرون الأحاديث بالأسانيد في هذه التصانيف إذ عليه المعول.
وأما المتأخرون فاقتصروا على إيراد الأحاديث في تصانيفهم بدون الإسناد، مقتصرين على العزو إلى الأئمة الأول إلا أفرادا من ذلك وآحادا: كأحكام عبد الحق الكبرى والصغرى والوسطى.
ثم قال: وأنبه - مع ذلك - على ما أظهره الله على يدي مما وقع للمتقدمين والمتأخرين من وهم أو غلط، أو اعتراض، أو استدراك قاصدا بذلك النصيحة للمسلمين، حاشا الظهور أو التنقيص، معاذ الله من ذلك فهل الفضل إلا للمتقدم.