ولما كان أغلب النقاد من المتقدمين جاء استخدامي لمصطلح (المتقدمين)، وكذلك لما كان أكثر من خالفهم عمليا في طريقة التصحيح والتضعيف هم المتأخرون والمعاصرون أطلقت عليهم جميعا مصطلح (المتأخرون)، ولا مشاحة في ذلك، وليس ذلك أبدا تفريق أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأئمتهم، وإذا كان التفريق بينهم بالسلف والخلف من حيث العقيدة أمرا مألوفا، فما الذي يمنعنا من الفصل بينهم من حيث المنهج في التصحيح والتضعيف، بعد أن أثبتنا التباين المنهجي فيما بينهم، دون أن نطعن في أحدهم. (والله أعلم).
ومن الذي يزهد في علم السابقين لكونهم من المتأخرين؟ وإذا رجح أحد قول النقاد المتقدمين في التصحيح أو التضعيف على من خالفهم من المتأخرين، أو دعى الباحثين إلى ذلك، لا يعني أبدا أنه قد زهد في علم المتأخرين. والذي كان يحتج بنصوص المتأخرين وتحقيقاتهم في هذا المجال كيف يتهم بأنه قد زهد في علمهم؟
والله نحن نقدر جهود علمائنا السابقين انطلاقا من إيماننا، وهم الذين علمونا أهمية الفصل بين المناهج المختلفة، وضرورة الابتعاد عن قلب الأمور رأسا على عقب، ولذلك تجدوننا ننقل في هذا المجال من نصوص علمائنا المتأخرين. انظر يا أخي الفاضل - هدانا الله وإياكم - ما سطرتُه في الموازنة، واقرأه جيدا. وكم من قول صحيح وآفته الفهم السقيم.