ـ[قال الحاكم في علوم الحديث (ص ٨٢)( ... فاجتمع جماعة من مشايخ الاسلام، واجتمع عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن إبراهيم بن مربع وأبو الأذان وكليجة وغيرهم فتشاورا من ينتقي لهم على الشيوخ فاجتمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي وكتبوا كلهم بانتخابه). ]ـ
ـ[* ما معنى يكتبون بانتخابه؟ ]ـ
ـ[* لماذا لا يأخذون كل حديث ذلك الراوي؟ ]ـ
ـ[* هل كان الأئمة أحمد وابن المديني ومن قبلهم ينتخبون أحاديث كل الرواة، أم كانوا ينتخبون أحاديث بعض الرواة دون الرواة الآخرين؟ ]ـ
الانتخاب على الشيوخ عمل علمي قام به الحفاظ المتقنون، ويقال عنه الانتقاء أيضا، ولهم فيه أغراض مختلفة، منها منهجي، ومنها نقدي.
أما المنهجي فمن عادة المحدثين عموما أن يحرصوا على أوقاتهم، لا سيما إذا كانوا مسافرين، ويركزون على الأحاديث التي تعد فوائد بالنسبة لهم، أو الأحاديث التي لم يسمعوها بعلو، ويعد هذا من أهم جوانب التنظيم التي يتم بها استثمار الأوقات في سماع ما يعنيهم من المرويات، وقد يكون الانتخاب ضروريا إذا كان الشيخ عسيرا في الرواية.
لذلك يقوم المحدثون قبل لقاء الشيوخ بانتخاب ما يريدون سماعه من مسموعاتهم، ويتبادلون المعلومات حول ما يحتاج إليه كل منهم من أحاديث الشيوخ من خلال المذاكرة فيما بينهم، أو من خلال زملائهم في الرحلة والسماع.
قد ينتخب بعض المحدثين لشيوخهم قبل انعقاد مجلس الإملاء، ما يملون لهم، حتى يرتكزوا في الإملاء على ما يعني طلابهم من المرويات لعلوها أو لغرابتها وتفردهم بها أو لجودة أسانيدها أو لشهرة رواتها أو غير ذلك من خصائص الأسانيد والرواية، وقصتهم في ذلك مبثوثة في كتب التراجم، وغاية ما في ذلك كسب الوقت وعدم انشغالهم بما لا يعنيهم من المرويات والمسموعات لكونهم قد سمعوها بعلو من مصادر أخرى، أو سمعوها منه قديما، وهذا هو المعنى الإجمالي لما ورد في السؤال.
وهناك من المحدثين القدامى من يسمع دون انتخاب ويقوم بنسخ كل ما تحتوي أصول الشيخ ويقال عن ذلك: كتابة الحديث على وجهه، وقد يتفاوت اهتمامهم بهذا الأسلوب الاستيعابي باختلاف الشيوخ والأوقات والظروف.