قلت: نعم ليس مؤهلا لنقد الحديث مثل البخاري ومسلم وأحمد، وحتى الحافظ ابن حجر - فيما أرى - ليس بناقد مثل الأئمة السابقين، ولا الحافظ ضياء الدين المقدسي، وهؤلاء محققون ومدققون لكلام النقاد ومعتمدون عليه.
فقاطعني الشاب بقوله: حتى الحافظ ابن حجر والحافظ المقدسي ليسا من المؤهلين لتصحيح الحديث؟
قلت له: نعم، أسرد لك من نصوص المتأخرين ما يفيد ذلك، وذكرت له قول الحافظ الذهبي وابن حجر والسخاوي، ومع ذلك فلم يقتنع بذلك.
وعند نهاية الجلسة قلت: على كل حال فإننا مطالبون بإنزال الناس منازلهم، ونحن نجد في الإسلام ما يشجعنا على النقد الموضوعي، يقول الله تعالى:(فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه). ولا يمكن هذا إلا بالنقد الموضوعي، وإلا كيف يعرف الأحسن.
هذا ما يحضرني الآن، وقد جرى الحديث والنقاش حول الجرح والتعديل ومنهج البخاري في التاريخ الكبير وأبي حاتم في علله، وتعليلهما أحيانا لحديث صحيح باعتبار بعض طرقه بقولهم هذا باطل، مع أن الحديث صحيح لا نزاع في صحته، وكان الشيخ أبو الحسن - حفظه الله - قد أجاد في ذلك، وتركت له معظم الأوقات احتراما له وتواضعا.
ثم وصلني في اليوم الثاني خبر مفاده: هناك شائعة حولي يلوك بها بعض الشباب، وهي:
أنني كنت أقول في الشيخ الألباني إنه غير مؤهل للتصحيح، وليس له باع في الحديث، والحافظ ابن حجر غير مؤهل، والحافظ المقدسي غير مؤهل. والشيخ أبو الحسن شرح لهم مقصودي بما قلت أثناء الجلسة، لكنهم لم يقتنعوا بذلك.
قلت لصاحبي الذي حكى لي ذلك: الله المستعان، هكذا ينقلون الأخبار تشويها لأصحابها، وهم بعيد عن الأمانة والدقة، لا لشيئ سوى أنهم لم يروا فيهم ما يرضي وجدانهم وأهواءهم.
أعود إلى الإجابة، اسمح لي هذا الاستطراد يا أخي العزيز:
أما ما يتصل بشروط الاجتهاد في معرفة صحة الحديث وخطئه فيمكن تلخيصه من قول الحافظ ابن حجر: