وقال: إذا تردد الرجل على القاضي ثلاث مرات بلا حاجة فلا تجوز شهادته.
ووجه ذلك أن التردد إلى القاضي من غير حاجة يكسب الرجل مكانة عند الناس ومنزلة يكرمونه ويهادونه لأجلها لما يتوهمون من منزلته عند القاضي بسبب تردده إليه فيصير تردده سبباً لأكل المال بالباطل.
ورأى الناس يقبلون يد بن الأغلب فقال له: لم تعطيهم يدك؟ لو كان هذا لأجل قربك من الجنة ما سبقونا إليه. وتوفي في رجب سنة أربعين ومائتين ودفن من يومه وصلى عليه الأمير محمد بن الأغلب ووجه إليه بكفن وحنوط فاحتال ابنه محمد حتى كفنه في غيره وتصدق بذلك.
وكان سنه يوم مات ثمانين سنة ومولده سنة ستين ومائة ويقال: إحدى وستين وقال له رجل: الناس يقولون: إنك دعوت الله أن لا يبلغك سنة أربعين ومائتين؟ فقال: ما فعلت ولكن الناس يقولونه ما أرى أجلي إلا فيها.
ولما مات سحنون رجت القيروان لموته وحزن الناس وقال سليمان بن سالم: لقد رأيت يوم مات سحنون مشايخ من الأندلس يبكون ويضربون خدودهم كالنساء ويقولون: يا أبا سعيد ليتنا تزودنا منك بنظرة نرجع بها إلى بلدنا.