بالتقليد لكنهم لم يتكلموا من النوازل إلا في اليسير مما وقع ولا تفرعت عنهم المسائل ولا تكلموا من الشرع إلا في قواعد ووقائع.
وكان أكثر اشتغالهم بالعمل بما علموا والذب عن حوزة الدين وتوطين شريعة المسلمين ثم بينهم في الاختلاف في بعض ما تكلموا فيه ما يبقي المقلد في حيرة ويحوجه إلى نظر وتوقف. وإنما جاء التفريع وبسط الكلام فيما يتوقع وقوعه بعدهم فجاء التابعون فنظروا في اختلافهم وبنوا على أصولهم ثم جاء من بعدهم من العلماء من أتباع التابعين - والوقائع قد كثرت والفتاوى قد تشعبت - فجمعوا أقاويل الجميع وحفظوا فقههم وبحثوا عن اختلافهم واتفاقهم وحذروا انتشار الأمر وخروج الخلاف عن الضبط فاجتهدوا في جمع السنن وضبط الأصول وسئلوا فأجابوا ومهدوا الأصول وفرعوا عليها النوازل ووضعوا التصانيف وفرقوها وقاسوا على ما بلغهم ما يشبهه.