فالمتعين على المقلد أن يرجع في التقليد لهؤلاء لإحكامهم النظر في مذاهب من تقدمهم وكفايتهم ذلك لمن جاء بعدهم.
لكن تقليد جميعهم لا يتفق في أكثر النوازل لاختلافهم في الأصول التي بنوا عليها ولا يصح أن يقلد المقلد من شاء منهم على الشهرة أو على ما وجد عليه أهل قطره. فحظه هنا من الاجتهاد أن ينظر في أعلمهم ويعرف الأولى بالتقليد من جملتهم حتى يركن في أعماله إلى فتواه ولا يحل له أن يعدو في استفتائه إلى من لا يرى مذهبه.
وكذلك يلزم هذا طالب العلم في بدايته في درس ما أصله الأعلم من هؤلاء وفرعه والاهتداء بنظره إذ لو ابتدأ الطالب يطلب في كل مسألة الوقوف على الحق منها بطريق الاجتهاد لعسر عليه ذلك إذ لا يتفق له إلا بعد جمع خصاله كما تقدم. وإذا اجتمعت خصاله كان حنيئذ من المجتهدين لا من المقلدين.