وطال هربه من السلطان إلى أن أنشبته الأقدار فنال رئاسة الدين والدنيا بالأندلس فما استحال عن هديه ولا غرته الدنيا بوجه. وكان قد بلغ به التقشف وطلب الحلال إلى أن كان يصيد السمك بنهر قرطبة ويبيع صيده فيأخذ من ثمنه ما يقتات به ويتصدق بفضله.
ونوه الحكم باسمه وقدمه للشورى ثم إلى المظالم الشرطة إلى أن توفي منذر فولاه مكانه قضاء الجماعة وذلك سنة ست وخمسين وجمع له معها الخطبة والصلاة سنة ثمان وخمسين فحمد الناس سيرته. وتوفي يوم الاثنين لخمس أو ست بقين من جمادى الأولى سنة سبع وستين وثلاثمائة مستوراً لم يمسه سوء وسنه خمس وستون سنة. مولده سنة ثنتين وثلاثمائة فلما نعي إلى بن أبي عامر قال: هل سمعتم الذي عاش ما شاء ومات حين شاء فقد رأيناه وهو هذا.