عليه الآمال وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضائع العقول والأموال وهادته الملوك فلا تحدو الحداة إلا إليه ولا تحط الرحال إلا لديه.
ثم انفرد أخيراً ببيت الخلوة ومنتبذ المناجاة من دونه مصطفى الوزراء وغايات الحجاب وإذا انصرف تبعته الدنيا وسارت بين يديه ووقفت ببابه الأمراء قد وسع الكل لحظه وشملهم بحسب الرتب والأحوال رعيه لكن رضى الناس الغاية التي لا تدرك والحسد بين بني آدم قديم فلما انقضى أمر هذا السلطان قبض عليه وأجمع الملأ على قتله وضيق عليه وانتهبت أمواله واعتقلت رباعه وتمادى به الاعتقال والشدة إلى أن شملته عوائد الله تعالى معه في الخلاص من الشدة وظهرت عليه بركة سلفه قائمة حجة الكرامة لهم في أمره.
قال بن الخطيب: أخبرني أمير المسلمين سلطاننا أعزه الله قال: عرض لي والدي رحمه الله في النوم فقال لي: يا ولدي اشفع في الفقيه بن مرزوق فعينت للوجهة في ذلك قاضي الحضرة فكان ذلك ابتداء الفرج.
قال: وحدثني الثقة من خدام السلطان أبي عنان عنه مخبراً عن نفسه يعني السلطان وكان أبو عنان قد غضب عليه ثم أجاره من سخطه عليه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني بذلك وكفى بها جاهاً وحرمة.
قال المؤلف: ثم ترك سبيله وأبيح له ركوب البحر إلى البلاد المشرقية بأهله وولده فسار في كنف الستر وتحت جناح الوقاية عام أربعة وستين وسبعمائة.