"الكسوف"، ومنها "زادك الله حرصًا ولا تعد"، ومنها "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، ومنها "ابني هذا سيد"، والحسن لا يروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة. اهـ
وقد أخرج البخاري هذه الأحاديث كلها عن الحسن عن أبي بكرة بالعنعنة إلا حديث "إن ابني هذا سيد" فقد أخرجه (٢٥٥٧) بتصريح الحسن فيه بالسماع: "قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".
ثم قال البخاري رحمه الله بعد هذا الحديث: "قال لي علي بن عبد الله -هو ابن المديني: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث". اهـ
وتفيد طريقة إعلال الدارقطني لأحاديث الحسن عن أبي بكرة، وطريقة احتجاج علي بن المديني والبخاري بأحاديثه هنا فوائد منها:
١ - أن الأحاديث الأخرى التى عن الحسن عن أبي بكرة كلها بالعنعنة من جميع الطرق، لأن ابن المديني قال -ونقله عنه البخاري في صحيحه-: "إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث" -يعني ثبت بحديث واحد فقط دون باقي الأحاديث- ومع ذلك احتج البخاري بها، ومثله شيخه ابن المديني، وفى هذا رد على من قال إن أحاديث المدلسين المعنعنة في الصحيحين محمولة على التصريح بالسماع من طرق أخرى.
٢ - أن عنعنة المدلس إذا كان المراد بتدليسه الإرسال" كالحسن "يكفي في إثبات اتصال حديثه عن المروي عنه وروده مصرحًا فيه بالسماع ولو في حديث واحد، كما هو واضح من تصرف ابن المديني وذكر البخاري له في صحيحه، إذ احتجا بتصريحه بالسماع في حديث "إن ابني هذا سيد" على اتصال الأحاديث الأخرى.
٣ - أن تعليل حديث المدلس "المرسل" كالحسن هو في إثبات عدم سماعه