أذكر فيه إجازة أو كتابة أو كتب إلي أو أذن لي فهو إجازة، أو: حدثنا فهو سماع.
قال ابن حجر: ويقوي التزامه لذلك أنه أورد في مستخرجه على علوم الحديث للحاكم عدة أحاديث رواها عن الحاكم بلفظ الإخبار مطلقًا، وقال في آخر الكتاب: الذى رويته عن الحاكم بالإجازة.
أقول: وإذ قد عرف اصطلاحه فلا حرج، ولكن من أقسام الإجازة العامة بأن يجيز الشيخ للطالب جميع مروياته أو جميع علومه فينبغي التثبت في روايات العاملين بهذه الإجازة فإذا ثبت في أحدهم أنه لا يروى بها إلا ما ثبت عنده قطعًا أنه من مرويات المجيز فهذا ممن يوثق بما رواه بالإجازة، وإن بان لنا أو احتمل عندنا أن الرجل قد يروي بتلك الإجازة ما يسمع ثقة عنده يحدث به عن المجيز فينبغي أن يتوقف فيما رواه بالإجازة لأنه بمنزلة قوله: حدثني ثقة عندي، وإن بان لنا في رجل أنه قد روى بتلك الإجازة ما يسمع غير ثقة يحدث به عن المجيز فالتوقف في المروي أوجب، فأما الراوي فهو بمنزلة المدلس عن غير الثقات، فإن كان قد عرف بذلك فذالك، وإلا فهو على يدي عدل.
وإذا تقرر هذا فقد رأيت في "تاريخ بغداد"(ج ٨ صـ ٣٤٥): "أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا جعفر الخلدي في كتابه قال: سألت خير النساخ … " فذكر قصة غريبة ثم قال الخطيب: قلت: جعفر الخلدي ثقة، وهذه الحكاية طريفة جدًا يسبق إلى إلقلب استحالتها، وقد كان الخلدي كتب إلى أبي نعيم هذه الحكاية عن أبي الحسن بن مقسم عن الخلدي نفسه إجازة وكان ابن مقسم غير ثقة. والله أعلم
أقول: فقول أبو نعيم: أخبرنا الخلدي في كتابه أراد به أن الخلدي كتب إليه بإجازته له جميع علومه، فأما القصة فإنما سمعها من ابن مقسم عن الخلدي، وابن مقسم غير ثقة، فهذا أشد ما يقدح به في أبي نعيم، لكن لعلة اغتر بما كان يظهره ابن مقسم من النسك والصلاةح فظنه ثقة، فإن ابن مقسم وهو أحمد بن محمد بن الحسن بن مقسم ترجمته في "تاريخ بغداد"(ج ٤ صـ ٤٢٩) وفيها: