للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما ذكره المُصَنِّف في حد التدليس هو المشهور بين أهل الحديث، وإنما ذكرت قول البزار وابن القطان كيلا يغتر بهما من وقف عليهما، فيظن موافقة أهل هذا الشأن لذلك والله أعلم (١).

قال بدر الدين الزركشي: قول ابن الصلاح: "هو أن يروي عمن لقيه … " إلى آخره أي شرط التدليس أن يكون المدلس قد لقى المروي عنه، ولم يسمع منه ذلك الحديث الذى دلسه عنه، وشرط البغوي في "شرح السنة" أن يكون مشهورًا بالرواية عنه، أما إذا روى عمن لم يدركه بلفظ موهم فليس بتدليس على الصحيح المشهور، بل هو من قبيل الإرسال، كما سبق بابه عن حكاية الخطيب وحكى ابن عبد البر عن قوم أنه تدليس، فجعلوا التدليس أن يحدث الرجل عن الرجل بما لم يسمعه منه بلفظ لا يقتضى تصريحًا بالسماع، وإلا لكان كذبًا، قال ابن عبد البر: "وعلى هذا فما سلم من التدليس أحد لا مالك ولا غيره".

وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام": "التدليس أن يروي عمن قد سمع منه مالم يسمع منه". وكذلك قال الحافظ أبو بكر البزار صاحب "المسند" في جزء له في معرفة من يُترك حديثه أو يُقبل (٢).

وذكر ابن حجر تعريف ابن الصلاح لتدليس الإسناد، ثم قال: وقوله: "عمن عاصره" ليس من التدليس في شيء، وإنما هو: المرسل الخفي، كما سيأتي تحقيقه عند الكلام عليه.

وقد ذكر ابن القطان في أواخر البيان له (٣) تعريف التدليس بعبارة غير معترضة، قال: "ونعني به أن يروي المحدث عمن قد سمع منه مالم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه. والفرق بينه وبين الإرسال هو أن الإرسال روايته عمن لم


(١) "التقييد والإيضاح" (صـ ٩٧ - ٩٨).
(٢) "النكت على مقدمة ابن الصلاح" (٢/ ٦٨ - ٦٩).
(٣) هو كتاب "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام".

<<  <   >  >>