للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها: " ... وأما الشرع فينبغي أن يعلم فيه قانون واحد هو أن الشرع والملل الآتية على لسان نبي من الأنبياء يرام بها خطاب الجمهور كافةً .... " (١).

قلت: وقد تكفل شيخ الإِسلام ابن تيمية بالرد على هذه الأقاويل والدعاوى (٢) في كتابه "درء تعارض العقل والنقل"، فأجاد وأفاد رضي الله عنه.

والذي يهمنا في هذا المبحث هو: هل تأثر الِإمام الغزالي (٣) بآراء الفلاسفة في هذا الموضوع؟ أم استقل بفكره دون تأثير؟.

الواقع أن هذا التساؤل من الأهمية بمكان، وليس باستطاعتنا في هذه العجالة أن ندلي برأينا مع التدليل عليه بالحجج والبراهين لأن هذا سيستغرق صفحات ليست بالقليلة، ولكن والحالة هذه، فلا مانع من القول بأن الِإمام الغزالي قد تأثر بالفلاسفة بعامة وابن سينا في رسالته الأضحوية بخاصة (٤)، وذلك باتساعه في تأويل ما لا يدرك عقلاً، وهذا ما رامه ابن سينا في رسالته.

وهنا يصدق على الإِمام الغزالي ما قاله ابن العربي: "شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج منها فما قدر" (٥).


(١) الرسالة الأضحوية: ٤٤.
(٢) للاطلاع على آراء الفيلسوف المتكلم ابن رشد في التأويل انظر مقدمة د. محمد رشاد سالم لدرء تعارض العقل والنقل: ١/ ١٨، حيث أشار إلى كتاب "مناهج الأدلة إلى عقائد الملة" ١٣٢ - ١٣٣، وانظر: "فَصْل المقال": ٣٤ (ط: الجزائر: ٨٢).
(٣) ركزت على الغزالي بصفته شيخاً لابن العربي والمؤثر فيه تأثيراً قوياً.
(٤) لقد درست "الرسالة الأضحوية" دراسة دقيقة وقارنتها بآراء الغزالي في كتبه في هذا الموضوع، فتكون لي بهذا الصنيع بحث جيد أرجو أن يوفقني الله لتنقيحه ونشره.
(٥) لم أعثر على هذه المقالة في كتب ابن العربي المطبوعة والمخطوطة التي استطعت الاطلاع عليها، ولكن هذا لا يمنع ثبوتها عنه فقد رواها عنه كبار الأئمة ممن يوثق في دينهم وعلمهم منهم شيخ الإِسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٥، وملا علي القارئ في شرح الشفا للقاضي عياض: ٥٠٥ (ط: إستانبول ١٢٩٩) كما ذكرها الإِمام الذهبي بالصيغة التالية: "شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة وأراد أن يتقيأهم فما استطاع".
(سير أعلام النبلاء: مخطوط دار الكتب المصرية رقم ١٢١٩٥، ورقة ٧٥/ ب-٧٦/

<<  <   >  >>