للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجيلاني (ت: ٥٦٢) وأتباعه، وأصحاب أبي مدين التلمساني وأشهرهم الإِمام أبو الحسن الشاذلي (ت: ٦٥٦) فمحاولة الغزالي إحداث تلك النظرية المناكبة للكتاب والسنة هي التي أثارت عليه بالخصوص ضجة الأصوليين والمحدثين، والتي جعلته هدفاً لردود الفقهاء من معاصريه وبخاصة من المالكية المغاربة مثل الِإمام الطرطوشي والإمام المازري وتلميذه وصديقه أبي بكر بن العربي (١).

وقد تكفل هذا الأخير بالرد عليه بالتفصيل في "العواصم من القواصم" (٢) كما رد عليه بصورة إجمالية في "قانون التأويل" (٣)، فناقش قولهم (٤) "إن القلب مستعد بذاته لتعلم المعلومات" فبين أن هذا خطأ بحت ودعوى عريضة لا برهان عليها من العقل، ولا من جهة السمع (٥)، ولا يصح أن يكون شيء يعلم بذاته وإنما القلب موجود خلقه الله، ويخلق فيه على


= العارفون المستقيمون من مشايخ التصوف وغيرهم يأمرون أهل القلوب -أرباب الزهد والعبادة والمعرفة والمكاشفة- بلزوم الكتاب والسنة، قال الجنيد (ت: ٢٩٧) علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يصلح أن يتكلم بعلمنا، وقال الشيخ أبو سليمان الداراني (ت: ٢١٥) إنه لتمر بقلبي النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلاّ بشاهدين الكتاب والسنة .. " راجع قول الجنيد والداراني في الرسالة القشيرية ١/ ٨٦، ١٠٧ (ط: الدكتور عبد الحليم محمود).
(١) انظر دراسات للحالة الفكرية في الأندلس، مبحث: الغزالي وحرق كتابه "الإحياء" صفحة:
(*) فكرة: بعد اطلاعي المحدود على النظرية الإشراقية، تبين لي أن مسألة اكتساب أصول المعلومات بالكشف الإشراقي مسألة قامت فيها المشادات من قديم بين أئمة الإِسلام وبين الذين خلطوا التصوف بالفلسفة من لدن الحسين الحلاج إلى السهروردي (المقتول ما بين سنتي ٥٥٦ - ٥٨٨) صاحب "حكمة الإشراق وهياكل النور" حتى انتهت إلى محيي الدين بن العربي (ت: ٦٣٧)، على أن أبا القاسم القشيري أراد برسالته أن يقطع -ولو إلى حد ما- ما بين الصوفية وبين الفلاسفة الإشراقيين من صلات، ويجدد ما بين أهل الشريعة وأهل الصوفية من روابط.
(٢) انظر ص: ١٠٧ وما بعدها.
(٣) انظر ص: ٥٥٤ وما بعدها.
(٤) أي قول الغزالي ومن ارتضى مذهبه من الصوفية.
(٥) قانون التأويل: ٥٥٥.

<<  <   >  >>