للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسعدون بن إسماعيل (ت: ٢٩٥) (١)، من أهل رية كان عالماً بالفرائض واختلاف الناس فيها مع العلم باللغة والشعر، وكان زاهداً ورعاً بحيث لم يتزوج ولا اشتغل بشيء من الدنيا طول حياته.

ولا شك أن رحلات الأندلسيين إلى المشرق كانت من أهم العوامل التى ساعدت على انتشار الأنماط السلوكية -الخاصة بأهل التصوف- في الأندلس، فأحمد بن محمد بن الرومي من أهل قرطبة رحل إلى المشرق ولقي الجنيد البغدادي وسمع منه بعض تصانيفه في الزهد (٢)، وقد تزايد وجود مثل هذه الشخصيات في الأندلس ولا سيما بعد أن اشتغل بعض الرحالين من الأندلسيين إلى المشرق بجمع سير عُبَّاده وزهَّاده، ولعل أول كتاب ألف في هذا الموضوع هو كتاب "العباد والعوابد" (٣) لمحمد بن وضاح (ت: ٢٨٧) ولا شك أن مثل هذه الكتب قد فتحت قلوب الأندلسيين وأرواحهم إلى تلمّس أخبار زهاد المشرق ومتصوفيه، يضاف إلى هذا الزيارات والرحلات التي يقوم بها المشارقة إلى الأندلس بقصد التجارة أو السياحة، فطاهر بن محمد المعروف بالمهند (ت: ٣٩٠) من أهل بغداد وصل إلى الأندلس في جمادى سنة: ٣٤٠ وكان من أهل الزهد وله رسائل عجيبة ومقالات في معاني الزهد على مذهب المتصوفة (٤).

وفي هذا العصر بدأت معالم التصوف الأندلسي تتحدد شيئاً فشيئاً،


(١) م، ن: ١/ ١٨٣، رقم الترجمة: ٥٤٦.
(٢) م، ن: ١/ ٢٩، رقم الترجمة: ٨٢.
(٣) القاضي عياض: ترتيب المدارك: ٤/ ٤٤٠، مخلوف: شجرة النور الزكية: ٧٦ وقد ورد فيه: العوائد بالهمز بدل العوابد بالباء وهو تصحيف.
وتجدر الإشارة بأن هذا العصر اقتصر فيه رجال التصوف على حفظ أخبار النساك مثلاً، أو رواية كتب السمرقندي، أو التفرغ للعبادة ونظم الأشعار حول الزهد والآخرة: انظر: المراكشي: الذيل والتكملة السفر (٥) صفحة: ٢١٦، رقم الترجمة: ٤٣٩، الضبي: بغية الملتمس، رقم الترجمة: ١٢١٢، التادلي: التشوف: ٢١١ رقم الترجمة: ٨١، الفاسي: سلوة الأنفاس: ٢/ ٢٤.
(٤) ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس: ١/ ٢٠٧، رقم الترجمة: ٦٢٢.

<<  <   >  >>