للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطائي، والفضيل، وبشر الحافي، في آخرين.

وممن ذهب إلى استحباب المخالطة سعيد بن المسيب، وشريح، والشعبي، وابن المبارك في آخرين.

ولكل طائفة فيما ذهبت إليه حجج، ونحن نشير إلى ذلك.

أما حجة الأولين، فقد روى في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: "رجل يجاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره".

وفي حديث عقبة بن عامر رضى الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله ما النجاة؟

قال: "املك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك".

وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: خذوا بحظكم من العزلة.

وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: لوددت أن بيني وبين الناس باباً من حديد، لايكلمنى أحد ولا أكلمه حتى ألقى الله سبحانه.

وقال ابن مسعود رضى الله عنه: كونوا ينابيع العلم، مصابيح الليل، أحلاس البيوت (١) جدد القلوب (٢) خُلقان (٣) الثياب، تعرفون في أهل السماء، وتخفون على أهل الأرض.

وقال أبو الدرداء رضى الله عنه: نعم صومعة المرء المسلم بيته، يكف لسانه وفرجه وبصره، وإياكم ومجالس الأسواق، فإنها تلهى وتلغى.

وقال داود الطائى: فر من الناس كما تفر من الأسد.

وقال أبو مهلهل: أخذ بيدي سفيان الثوري وأخرجني إلى الجبانة، فاعتزلنا ناحية، فبكى ثم قال: يا أبا مهلهل، إن استعطت أن لا تخالط في زمانك أحداً فافعل، وليكن همك مرمة (٤) جهازك.


(١) الأحلاس: جمع حلس، يقال: فلان حلس بيته: إذا كان يقيم فيه ولا يبرحه.
(٢) جدد القلوب: كناية عن عدم الفترة في العبادة.
(٣) خلقان: جمع خلق، يقول: ثوب خلق: إذا كان بالياً.
(٤) المرم: إصلاح ما فسد، ولم ما تفرق.

<<  <   >  >>