أعلم: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب العظم في الدين، وهو المهم الذي بعث الله به النبيين، ولو طوى بساطه، لاضمحلت الديانة، وظهر الفساد، وخربت البلاد.
قال الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. [آل عمران: ١٠٤]، وفى هذه الآية بيانٌ أنه فرض على الكفاية لا فرض عين، لأنه قال:{ولتكن منكم أمة}، ولم يقل: كونوا كلكم آمرين بالمعروف، فإذا قام به من يكفى سقط عن الباقين، واختص الفلاح بالقائمين المباشرين له. وفى القرآن العظيم آيات كثيرة في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "مثل القائم على حدود الله والمداهن فيها مثل قوم ركبوا سفينة فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها، وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو خرقنا في نصينا خرقاً فاستقينا منه، ولم نؤذى من فوقنا، فإن تركوها وأمرهم هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً".
[١ ـ فصل في مراتب الإنكار وبعض ما ورد فيه]
فقد جاء في الحديث المشهور من رواية مسلم، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
وفى حديث آخر:"أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".
وفي حديث آخر:"إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: أنت ظالم، فقد تُودِّع منهم". وقام أبو بكر رضى الله عنه، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس،