قال الله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران: ١٢٢]. وقال:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣].
وفى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفاً لا حساب عليهم، ثم قال:"هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون". أخرجاه في "الصحيحين".
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وسلم يقول: "لو أنكم توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً".
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"اللهم إني أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال، وصدق التوكل عليك، وحسن الظن بك"(١).
والتوكل يبتنى على التوحيد، والتوحيد طبقات:
منها أن يصدق القلب بالوحدانية المترجم عنها قولك، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، فيصدق بهذا اللفظ، لكن من غير معرفة دليل، فهو اعتقاد العامة.
الثانية: أن يرى الأشياء المختلفة، فيراها صادرة عن الواحد، وهذا مقام المقربين.
الثالثة: أن يرى الإنسان إذا انكشف عن بصيرته أن لا فاعل سوى الله، لم ينظر إلى غيره، بل يكون منه الخوف وله الرجاء وبه الثقة وعليه التوكل، لأنه في الحقيقة هو الفاعل وحده، فسبحانه والكل مسخرون له، فلا يعتمد على المطر في خروج الزرع، ولا على الغيم في نزول المطر، ولا على الريح في سير السفينة، فإن الاعتماد على ذلك جهل بحقائق الأمور. ومن انكشفت له الحقائق، علم أن الريح لا تتحرك
(١) ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية" عن الأوزاعي مرسلا، والحكيم الترمذي عن أبى هريرة.