ويعود أن لا يتكلم إلا جواباً، وأن يحسن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو أكبر منه، وأن يقوم لمن هو فوقه ويجلس بين يديه.
ويمنع من فحش الكلام، ومن مخالطة من يفعل ذلك، فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء.
ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل، ليستريح به من تعب التأديب، كما قيل: روح القلوب تع الذكر.
وينبغى أن يعلم طاعة والديه ومعلمه وتعظيمهم.
وإذا بلغ سبع سنين أمر بالصلاة، ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود، ويخوف من الكذب والخيانة، وإذا قارب البلوغ، ألقيت إليه الأمور.
وأعلم: أن الأطعمة أدوية، والمقصود منها تقوية البدن على طاعة الله تعالى، وأن الدنيا لا بقاء لها، وأن الموت يقطع نعيمها، وهو منتظر في كل ساعة، وأن العاقل من تزود لآخرته، فإن كان نشوؤه صالحاً ثبت هذا في قلبه، كما يثبت النقش في الحجر.
قال سهل بن عبد الله: كنت ابن ثلاث سنين، وأنا أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لى خالي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ قلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك: الله معي، الله ناظر إلى، الله شاهدى، فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة إحدى عشر مرة.
فقلت ذلك، فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة، قال لى خالي: احفظ ما علمتك، ودم عليه إلى أن تدخل القبر، فلم أزل على ذلك سنين فوجدت له حلاوة في سري ثم قال لي خالي: يا سهل من كان الله معه، وهو ناظر إليه، وشاهد عليه، هل يعصيه؟ إياك والمعصية ومضيت إلى المكتب، وحفظت القرآن، وأنا ابن ست سنين أو سبع، ثم كنت أصوم الدهر، وقوتي من خبز الشعير، ثم بعد لك كنت أقوم الليل كله.
[٧ ـ فصل [في شروط الرياضة]]
واعلم: أن من شاهد الآخرة بقلبه مشاهدة يقين، أصبح بالضرورة مريداً لها،