للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١١ ـ بيان ذم الحرص والطمع ومدح القناعة واليأس]

واعلم: أن الفقر محمود، ولكن ينبغي للفقير أن يكون قانعاً، منقطع الطمع عن الخلق، غير ملتفت إلى ما في أيديهم، ولا حريص على اكتساب المال كيف كان، ولا يمكنه ذلك إلا بأن يقنع بقدر الضرورة من المطعم والملبس.

وقد روى في "صحيح مسلم" عن عمرو بن العاص رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه".

وقال سليمان بن داود عليهما السلام: قد جربنا العيش كله، لينه من شديده، فوجدناه يكفى منه أدناه.

وفى حديث جابر رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "القناعة مال لا ينفذ" (١).

وقال أبو حازم: ثلاث من كن فيه كمل عقله: من عرف نفسه، وحفظ لسانه، وقنع بما رزقه الله عز وجل.

وقرأ بعض الحكماء: أنت أخو العز ما التحفت بالقناعة.

أما الحرص، فقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "أيها الناس، أجملوا في الطلب، فإنه ليس للعبد إلا ما كتب له"

ونهى عن الطمع فقال: "اجمع اليأس مما في أيدي الناس" (٢).

وقال بعضهم: لو قيل للطمع: من أبوك؟ قال: الشك في المقدور، ولو قيل له: ما حرفتك؟ قال: اكتساب الذل، ولو قيل له: ما غايتك؟ قال: الحرمان.

وقيل: الطمع يذل الأمير، واليأس يعز الفقير.


(١) قال في "كشف الخفاء": رواه الطبراني والعسكري عن جابر، وكذا القضاعي عن أنس، قال الحافظ الذهبي، اسناده واه كثيراً.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤١٧١) من حديث أبي أيوب، وفي سنده عثمان بن جبير قال الذهبي في "الطبقات": مجهول.

<<  <   >  >>