واشتغالهم بالعبادات، فإن اشتغالهم بالبحث عن أسرار العلم، كبحث سائمة الدواب عن أسرار الملك.
...
[كتاب ذم الغضب والحقد والحسد]
اعلم: أن الغضب شعلة من النار، وأن الإنسان ينزع فيه عند الغضب عرق إلى الشيطان اللعين، حيث قال:{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[الأعراف: ١٢] فإن شأن الطين السكون والوقار، وشأن النار التلظي والاشتعال، والحركة والاضطراب. ومن نتائج الغضب: الحقد والحسد، ومما يدل على ذم الغضب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للرجل الذي قال له: أوصني، قال:"لا تغضب"، فردد عليه مراراً، قال:"لا تغضب".
وفى حديث آخر أن ابن عمر رضى الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ماذا يبعدني من غضب الله عز وجل؟ قال:"لا تغضب".
وفى المتفق عليه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
وعن عكرمة في قوله تعالى:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا}[آل عمران: ٣٩] قال: السيد الذي يملك نفسه عند الغضب ولا يغلبه غضبه.
وروينا أن ذا القرنين لقي ملكاً من الملائكة فقال: علمني علماً ازداد به إيماناً ويقيناً، قال: لا تغضب، فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب، فرد الغضب بالكظم، وسكنه بالتؤدة، وإياك والعجلة، فإنك إذا عجلت أخطأت حظك، وكن سهلاً ليناً للقريب والبعيد، ولا تكن جباراً عنيداً.
وروينا أن إبليس لعنه الله بدا لموسى عليه السلام، فقال يا موسى: إياك والحدة، فإني ألعب بالرجل الحديد كما يلعب الصبيان بالكرة، وإياك والنساء، فإني لم انصب فخاً في نفسي قط أثبت في نفسي من فخ أنصبه بامرأة، وإياك والشح، فإني أفسد على الشحيح الدنيا والآخرة.