[٣٣ ـ[فصل في محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم]]
وكن في الدنيا محباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حريصاً على تعظيم سنته، لعله يشفع فيك في الآخرة، فإن له شفاعة يتقدم فيها على الأنبياء كلهم، ويسأل الله في أهل الكبائر من أمته فينجيهم، واستكثر من الإخوان الصالحين، فلكل مؤمن شفاعة، ولا تحملنك العزة على التواني وتسمى ذلك رجاءً، فإن من رجا شيئاً طلبه، واحترز من المظالم، فإن من كانت عليه مظالم ومات قبل ردها، فإن غرماءه يحيطون به يوم القيامة فهذا يقول ظلمني: وهذا يقول: استهزأ بى، وهذا يقول: أساء جواري، وهذا يقول غشنى، فلا خلاص لك من أيديهم، فإذا توهمت الخلاص قيل: لا ظلم اليوم.
وعن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يخلص المؤمنون يوم القيامة من النار، فيسحبون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة".
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"أتدرون ما المفلس"؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال:"إن المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "لتؤدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء".
وهذه الأحاديث كلها في الصحاح، فانظر وفقك الله إلى بعد سلامة حسناتك لدخول ما يبطلها عن الرياء والغيبة، فأن سلمت أخذها الخصوم، فتيقظ لنفسك، ولا تفرط في أوقاتك، فإن المسكين من آثر لذة متقطعة، واشترى بها عذاباً شديداً دائماً نسأل الله السلامة والتوفيق.