الرب عز وجل: يا ملائكتي ما الذي يخيفكم وأنتم عندى؟ فيقولون: يارب! لو أن أهل الأرض اطلعوا من عزتك وعظمتك على ما اطلعنا عليه، ما أساغوا طعاماً ولا شراباً، ولا انبسطوا في فرشهم، ولخرجوا إلى الصحارى يخورون كما تخور البقر.
وقال محمد بن المنكدر: لما خلقت النار، طارت أفئدة الملائكة من أماكنها، فلما خلق آدم عادت.
وروي أنه لما ظهر من إبليس ما ظهر، طفق جبريل وميكائيل يبكيان، فأوحى الله تعالى إليهما:"ما هذا البكاء؟ قالا: يارب! ما نأمن من مكرك. فقال تعالى: هكذا فكونا".
[٩ ـ ذكر خوف الأنبياء عليهم السلام]
قال وهب: بكى آدم عليه السلام على الجنة ثلاثمائة عام، وما رفع رأسه إلى السماء بعد ما أصاب الخطيئة.
وقال وهيب بن الورد: لما عاتب الله تعالى نوحاً عليه السلام في ابنه فقال: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[هود: ٤٦] بكى ثلاثمائة عام حتى صار تحت عينيه أمثال الجداول من البكاء.
وقال أبو الدرداء رضى الله عنه: كان يسمع لصدر إبراهيم عليه السلام إذا قام إلى الصلاة أزيز من بعد خوفاً من الله عز وجل.
وقال مجاهد: لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة، خر لله ساجداً أربعين يوماً حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه، ثم نادى يارب: قرح الجبين، وجمدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شىء، فنودي: أجائع أنت فتطعم؟ أم مريض فشفى؟ أم مظلوم فتنصر، فنحب نحيباً هاج كل شىء نبت، فعند ذلك غفر له.
وقيل: كان داود عليه السلام يعود الناس يظنون أنه مريض، وما به إلا شدة الفرق من الله عز وجل.
وكان عيسى عليه السلام إذا ذكر الموت يقطر جلده دماً.