وينبغى أن لا يهمل أقاربه فى ضيافتهم، فان إهمالهم يوجب الإيحاش وقطيعة الرحم. وكذلك يراعى الترتيب فى أصدقائه ومعارفه، ولا يقصد بدعوته المباهاة والتفاخر، وبل استعمال السنة فى إطعام الطعام واستمالة قلوب الإخوان، وإدخال السرور على قلوب المؤمنين، ولا يدعو من يعلم أنه تشق عليه الإجابة، أو إذا حضر تأذى بالحاضرين بسبب من الأسباب.
وأما آداب الإجابة، فان كانت دعوة عرس، فالإجابة عليها واجبة إذا دعاة المسلم فى اليوم الأول، وإن كانت لغيره فهى جائزة، ثم ينبغى أن لا يخص الغنى بالإجابة دون الفقير، ولا يمتنع من الدعوة لكونه صائماً، بل يحضر، فان كان تطوعاً وعلم أن فطره يسر أخاه المسلم فليفطر.
فأما إن كان الطعام حراماً فليمتنع عن الإجابة، وكذلك إذا كان ثمة فرش محرمة، أو إناء محرم، أو مزمار أو صورة، وكذلك إذا كان الداعى ظالماً أو فاسفاً أو مبتدعاً أو مفاخراً بدعوته.
وينبغي أن لا يقصد بالإجابة إلى الدعوة نفس الأكل، بل ينوى به الاقتداء بالسنة، وإكرام أخيه المؤمن، وينوى صيانة نفسه عمن يسئ به الظن، فربما قيل عنه إذا امتنع: هذا متكبر.
وينبغى أن يتواضع فى مجلسه إذا حضر، ولا يتصدر، وإن عين له صاحب الدار مكاناً لم يتعده، ولا يكثر النظر إلى المكان الذى يخرج منه الطعام، فإنه دليل على الشره.
[٥ ـ فصل [في آداب إحضار الطعام]]
وأما إحضار الطعام فله خمسة آداب:
الأول: تعجيله، فذلك من إكرام الضيف.
الثانى: تقديم الفاكهة أولاً قبل غيرها، وذلك أصلح فى باب الطب، وقد قال الله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: ٢٠، ٢١].
ثم أفضل ما يقدم بعد الفاكهة اللحم، خصوصاً المشوى، ثم أفضل الطعام بعد اللحم الثريد، ثم الحلوى، وتتم هذه الطيبات بشرب الماء البارد، وتكملة الأمر صب